responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 298


يموّه ويشبه على العلم يحسبه المستمع من الجهّال علما . فكذلك جمع بينهما في التسمية الزخرف . وقد قيل إن الزخرف هو الذهب فعلى هذا شبّه قول الغرور بالذهب الذي يذهب بقاؤه وتقلّ حقيقته عند الربانيين وأهل الحقيقة الزاهدين إذ شبهه الأنبياء والصديقون كالحجر والمدر . وكان الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول : تركوا العلم وأقبلوا على الغراس . ما أقل العلم فيهم والله المستعان . وقال الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه : لم يكن الناس فيما مضى يسألون عن هذه الأمور كما يسأل الناس اليوم ولم يكن العلماء يقولون حرام ولا حلال في أكثر الأمور أدركتهم يقولون مستحب ومكروه .
وكان مالك كثير التوقف في الأجوبة إذا سئل ويكثر أن يقول لا أدري سل غيري وقال رجل لعبد الرحمن بن مهدي ألا ترى إلى قول فلان في العلم حلال وحرام وقطعه في الأمور بعلمه يعني رجلا من أهل الرأي وإلى قول مالك : إذا سئل أحسب . فقال عبد الرحمن :
ويلك قول مالك أحسب أحسب أحبّ إليّ من قول فلان : أشهد أشهد . وكان هشام بن عروة يقول : لا تسألوهم اليوم عمّا أحدثوا فإنهم قد أعدوا له جوابا . ولكن أسألوهم عن السنن فإنهم لا يعرفونها . وكان الشعبي رحمه الله تعالى إذا نظر إلى ما أحدث الناس من الرأي والهوى يقول : لقد كان القعود في هذا المسجد أحبّ إليّ مما يعدل به فمذ صار فيه هؤلاء المراؤون فقد بغضوا إلي الجلوس فيه ولأن أقعد على مزبلة أحب إليّ من أن أجلس فيه وكان يقول ما حدثوك عن السنن والآثار فخذ به وما حدثوك عما أحدثوا من رأيهم فأمخط عليه . وقد قال مرة : فبل عليه . وقد كان السلف يستحبون العي والبله عن علوم المعقول ، وقد جعله رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من الإيمان إذ قرنه بالحياء فقال : الحياء والعي شعبتان من الإيمان والبذاء والبيان شعبتان من النفاق .
وقال عليه السلام : أبغض الخلق إلى الله عزّ وجلّ البليغ الذي يتخلل الكلام بلسانه كما يتخلل الباقر الخلا بلسانها يعني الحشيش الرطب . وقال في حديث آخر : العيّ عن اللسان لا عيّ القلب . وقال : إن الله عزّ وجلّ كره لكم البيان كل البيان فصار الفقه إنما هو فقه القلب عن الرب سبحانه وتعالى وصار فقه اللسان بالبيان إنما هو عيّ القلب عن الشهادة والإيقان وعيّ اللسان وطول الصمت الذي كان يستحبه السلف هو اليوم عيب .
ومن المتكلمين من لا يعرف من كلام البدع وعلم المنافقين الذي ذمه القدماء هو اليوم سنّة وأهل النطق به هم العلماء اليوم . ولقد صار المعروف منكرا والمنكر معروفا وصار السنّة بدعة والبدعة سنّة . وكذلك جاءت به الأخبار في وصف علماء آخر الزمان . وفي الخبر المشهور : إن الله تعالى يبغض الثرثارين المتشدقين . فمن غلب عليه هذا الوصف

298

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست