responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 191


الأرض قالوا : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا أظلمت حياتهم وأعمالهم فأظلمت قبورهم ومثواهم فمن شهد ما ذكرناه يقينا دامت مراقبته وحسنت معاملته فاتصلت أوراده وكثر من الخير ازدياده ونفدت مشاهدته لصفاء يقينه ودوام مزيده فكان ممن ندب الله عزّ وجلّ في قوله تعالى : * ( لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ ) * [ الصافات : 61 ] وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وكان ممن وصف إذ يقول :
* ( يُسارِعُونَ في الْخَيْراتِ وهُمْ لَها سابِقُونَ ) * [ المؤمنون : 61 ] أي يسارعون الموت ويسابقون الفوت ويسارعون الغافلين ويسابقون البطالين ولعل بطالا من الشاطحين جاهلا بحكمة الحكيم يتوهم علينا بظنه أنّا نقول إنه لا يعطي إلا شيئا بشيء ولسنا نقول ذلك إنما نقول إنه يعطي شيئين بلا شيء . فهو المعطي الأول للشيء الذي هو الظرف والمكان من العبادة والإيمان وهو الذي يعطي الشيء الذي هو النعيم والجنان إلا أنه أجرى ذلك بتقديره في مجاري حكمته كما سبق ذلك في علمه ثم أنشأه في معلومه لأنه حكيم عليم .
ذكر المقام الرابع من مراقبة الموقنين ثم يعلم العبد يقينا أنه تنشر له سنوه في الآخرة شهورا وتبسط شهوره أياما وتفترش أيامه ساعات وتكشف ساعاته أنفاسا ثم يسأل عن كل نفس وينشر له بكل فعلة فعلها وإن صغرت ثلاثة دواوين : الأول لم فعلت وهذا مكان الابتلاء بالأحكام فإن سلم له نشر له .
الديوان الثاني وهو كيف فعلت وهو موضع المطالبة بصحة العلم فإن صح له هذا نشر عليه الديوان الثالث وهو لمن فعلت وهذا مكان المطالبة في الإخلاص فإن اعتل بكيف أو بلم أو بلمن خيف عليه الهلكة إلا أن يتعطف عليه الكريم المنّان بحيث لا يحتسب فيستنقذه ويسمج له وقد قال تعالى : * ( وإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها ) * [ الأنبياء : 47 ] أي جئنا بها أي أحضرناها وقرئت بالمد آتينا بها بمعنى جازينا بها . وقال عزّ وجلّ : * ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ . ومن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) * [ الزلزال :
7 - 8 ] وقيل : هذه أحكم آية في كتاب الله عزّ وجلّ وهي مجملة مبهمة عامة . وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إذا سئل عن شيء لم يوح إليه فيه بشيء يقول : ما عندي فيه إلا هذه الآية الجامعة الفاذة . فمن يعمل مثقال ذرة الآية . ولما تعلم صعصعة جد الفرزدق من أسفل القرآن إلى هذه السورة قال : حسبي حسبي قد عرفت الخير والشر فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم :
انصرف الرجل فقيها وقيل الذرة قشرة الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤس الإبر .

191

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبي طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست