responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسالة الغفران نویسنده : أبي العلاء المعري    جلد : 1  صفحه : 13


على مثل التحديد والتقييد اللذين في الكتابة . أو لعل هذه الاستطرادات الجزئية لم تكن سوى مظهر لعرض ثروته اللغوية ووسيلة إلى كشف المكنون من ذخيرته فيها .
وننتقل إلى الملحظ الآخر على ترتيبه لمعانيه في الغفران ، وهو الشروح المعترضة :
وننتقل إلى الملحظ الآخر على ترتيبه لمعانيه في الغفران ، وهو الشروح المعترضة :
وهذا يشبه أن يكون نوعاً من الاستطراد ، وكان من الممكن أن يرد إليه ويدمج فيه ، لولا انه لازمه طول املائه للرسالة ، حتى صار من حقه أن يفرد بالنظر ، ويخص بالذكر .
وقد رأينا من قبل - أثناء الحديث عن تأثر الغفران بسوء الحياة الأدبية في عصرها [1] - كيف كان هذا الشرح يؤذي الجمال الفني في قصته ، ويشوه صوره



[1] كتبت عن ذلك في صفحة 42 - 46 من كتابها « الغفران لأبي العلاء العلاء المعري : دراسة نقدية » دار المعارف بمصر ، 1962 ، وهذا ما كتبته : « ويعرض عليك فيما يعرض من صور « الغفران » ، لوحات بارعة نادرة المثال ، تتأملها معجباً مفتوناً ، لكنه لا يلبث أن يفسد رواءها بألوان صارخة مبتذلة من الصنعة اللفظية والزخرف الشكلي . أتريد مثالاً من ذلك ؟ اذن فقف عند قوله لأوس بن حجر حين رآه في الجحيم : يا أوس : ان أصحابك لا يجيبون السائل ، فهل لي عندك من جواب ؟ فإني أريد ان أسألك عن هذا البيت : وقارفت وهي لم تجرب وباع لها * من الفصافص بالنمي سفسير فإنه في قصيدتك التي أولها : هل عاجل من متاع الحي منظور * أم بيت دومة بعد الوصل مهجور ويروي في قصيدة النابغة التي أولها : ودع إمامه والتوديع تعذير * وما وداعك من قفت به العير وكذلك البيت الذي قبله : وكذلك قولك : ان الرحيل إلى قوم وان بعدوا * أمسوا ومن دونهم ثهلان فالنير وكلاكما معدود في الفحول ، فعلى أي شيء يحمل ذلك ؟ . . . فيقول أوس : قد بلغني ان نابغة بني ذبيان في الجنة ، فاسأله عما بدا لك ، فلعله يخبرك ، فإنه أجدر بأن يعي الأشياء ، فأما أنا فقد ذهلت : نار توقد وبنان يعقد ، إذا لب علي الظمأ رفع لي شيء كالنهر ، فإذا اغترفت منه لا شرب وجدته سعيراً مضطرماً . فليتني أصبحت « درما » - وهو الذي يقال فيه : اودى درم ، وهو من بني دب بن مرة بن ذهل بن شيبان - ولقد دخل الجنة من هو شر مني ولكن المغفرة ارزاق ، كأنها النشب في الدار العاجلة » . أرأيت مثل هذا العرض الرائع الاخاذ لتلك المسألة الأدبية التي اختلف فيها الرواة ؟ ألست تنسى في هذا الحوار المثير ظروف الزمان والمكان وتحسب انه مشهد حقيقي من مشاهد العالم الآخر ؟ لكن أبا العلاء نفسه يفسد عليك استمتاعك بهذا المشهد ، ويصدمك - وأنت مأخوذ بما تسمع من حديث أوس في قوته ومرارته - بذلك الاستطراد المعترض ، يعرف به « درما » ويذكر نسبه . ولو أن هذا التفسير جاء عقب المشهد لهان امره ، ولكنه يعترض المشهد في أعنف وأجمل قطعة فيه ، وانه لتفسير لم تدع إليه عاطفة قلبية أو حس صادق أو نشاط وجداني وإنما جاءت به الصنعة التقليدية والزخرف الشكلي . فكلمة « درم » سجعة نابية جيء بها اثر « مضطرم » ، وأسلمت هذه اللفظة إلى ما بعدها من سرد جاف ممل لنسب درم . ولو سلم فن أبي العلاء من نكر العصر ، لمضي في حلمه الملهم واستغرق في عالمه النفسي الخالص ، ولسلمت لنا تلك المتعة النفية من شوائب هذا الاعتراض السمج الثقيل ، وما أحسبك كنت بحاجة إلى أن تسأل أبا العلاء ان يشرح لك هذه الكلمة أو تلك ، فإنك لا تسأل المصور البارع كيف أعد لوحته ، ولا تستوقف الموسيقي ليشرح لك ما يوقع من نغم . ولقد يظن ظان ان مثل هذه التفسيرات المعترضة أقحمت على النص ، وإنها في الأصل كانت التلاميذ المستمعين ، وهو احتمال رددناه وأنكرناه في غير هذا المكان ، لكنا - مع التسليم جدلاً بمثل هذا - لا زلنا ننكر على أبي العلاء أن ينتزع نفسه من عالمه الفني ليقطع المشهد مفسراً لتلاميذه هذه الكلمة أو تلك . وبحسبنا هذا المثال هنا ، فما نحصي الآن تلك المشاهد الجميلة التي أفسدها أبو العلاء . . ) .

13

نام کتاب : رسالة الغفران نویسنده : أبي العلاء المعري    جلد : 1  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست