دون النقصان " نشنيده اي كه هر كه بمرد أو تمام شد " [88] فالإنسان الكامل يشتاق إلى الموت ، لاقتضائه تماميته وكماله ، وخروجه عن ظلمة الطبيعة ومجاورة الأشرار إلى عالم الأنوار ومرافقة الأخيار من العقول القادسة والنفوس الطاهرة ، وأي عاقل لا يرجح الحياة العقلية والابتهاجات الحقيقية على الحياة الموحشة الهيولانية ، المشوبة بأنواع الآلام والمصائب وأصناف الأسقام والنوائب ! فيا حبيبي ! تيقظ من نوم الغفلة وسكر الطبيعة ، واستمع النصيحة ممن هو أحوج منك إلى النصيحة : حرك الشوق الكامن في جوهر ذاتك إلى عالمك الحقيقي ومقرك الأصلي ، وانسلخ عن القشورات الهيولانية ، وانفض عن روحك القدسي ما لزقه من الكدورات الجسمانية ، وطهر نفسك الزكية عن أدناس دار الغرور وأرجاس عالم الزور ، واكسر قفصك الترابي الظلماني وطر بجناح همتك إلى وكرك القدسي النوراني ، وارتفع عن حضيض الجهل والنقصان إلى أوج العزة والعرفان ، وخلص نفسك عن مضيق سجن الناسوت وسيرها في فضاء قدس اللاهوت ، فما بالك نسيت عهود الحمى ورضيت بمصاحبة من لا ثبات له ولا وفاء ؟ ! . زد سحر طائر قدسم زسر سدره صفير * كه در أين دامگه حادثة آرام مگير [89] ( الرابع ) صعوبة قطع علاقته من الأولاد والأموال والمناصب والأحباب ، ومعلوم أن هذا ليس خوفا من الموت في نفسه بل هو حزن على مفارقة بعض الزخارف الفانية . وعلاجه أن يتذكر أن الأمور الفانية مما لا يليق
[88] هذه الجملة ممن الكلمات الحكمية القصار ، ومعناها : ( أما سمعت بأن كل من مات صار إنسانا كاملا ) . [89] هذا البيت للشاعر الفارسي الفيلسوف الشهير ( حافظ الشيرازي ) وهو من أبيات العرفان . وأراد ( بالسحر ) على سبيل الرمز وقت استكمال النفس وتنبهها ، و ( بالطائر القدسي ) ما يرمز إليه العرفاء المسمى عندهم أيضا ( البيضائي ) ، وهو أحد العقول المجردة الذي بصفيره يوقظ الراقدين في مراقد الظلمات ، وبصوته ينبه الغافلين عن تذكر الآيات ، و ( بالسدرة ) سدرة المنتهى المقصود منها منتهى قوس الصعود في سلسلة الممكنات . وحاصل معنى البيت المطابقي : قد صفر الطائر القدسي المنسوب إلى من على السدرة في السحر ، ويقول في صفيره : لا تستقر في المصيدة المخيفة ( وهي الدنيا وعوالم السفليات ) ، والمراد أن يذهب عنها إلى عالم المجردات النوراني حرا طليقا .