responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : ملا محمد مهدي النراقي    جلد : 1  صفحه : 188


السوء أو غير ذلك ، فليبادر إلى قطع السبب ، ثم التدارك بالتوبة والندم ، لئلا يكون غده مثل يومه . وهذا القدر من التفكر في كل يوم وليلة لازم لكل دين معتقد بالنشأة الآخرة ، وقد كان ذلك عادة وديدنا لسلفنا المتقين في صبيحة كل يوم أو عشية كل ليلة ، بل كانت لهم جريدة يكتبون فيها رؤس المهلكات والمنجيات ويعرضون في كل يوم وليلة صفاتهم عليها ، ومهما اطمأنوا بقطع رذيلة أو الاتصاف بفضيلة يخطون عليها في الجريدة ، ويدعون الفكر فيها ، ثم يقبلون على البواقي ، وهكذا يفعلون حتى يخطوا على الجميع ومن كان أقل مرتبة منهم من الصلحاء ربما يثبتون في جريدتهم بعض المعاصي الظاهرة ، من أكل الحرام ، والشبهة ، وإطلاق اللسان ، والكذب ، والغيبة والمراء ، والنميمة ، والمداهنة مع الخلق بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . . . وغير ذلك ، ويفعلون بمثل ما مر .
وبالجملة : كان إخواننا السالفون وسلفنا الصالحون لا ينفكون عن هذا النوع من التفكر ، ويرونه من لوازم الإيمان بالحساب ، فأف علينا حيث تركنا بهم التأسي والقدوة ، وخضعنا في غمرات الغفلة ، ولعمري أنهم لو رأونا لحكموا بكفرنا وعدم إيماننا بيوم الحساب ، كيف وأعمالنا لا تشابه أعمال من يؤمن بالجنة والنار . فإن من خاف شيئا هرب منه ، ومن رجا شيئا طلبه ، ونحن ندعي الخوف من النار ونعلم أن الهرب منها بترك المعاصي ومع ذلك منهمكون فيها ، وندعي الشوق إلى الجنة ونعلم أن الوصول إليها بكثرة الطاعات ومع ذلك مقصرون في فعلها .
ثم هذا النوع من التفكر إنما هو تفكر العلماء والصالحين ، وأما تفكر الصديقين فأجل من ذلك ، لأنهم مستغرقون في لجة الحب والأنس ، منقطعون بشراشرهم إلى جناب القدس ، ففكرهم مقصور على جلال الله وجماله وقلبهم مستهتر به ، بحيث فنى عن نفسه ونسي صفاته وأحواله ، فحالهم أبدا كحال العشاق المستهترين عند لقاء المعشوق ، ولا تظنن أن هذا التفكر - بل أدنى مراتب التلذذ بالتفكر في عظمة الله وجلاله - ممكن الحصول بدون الانفكاك عن جميع الرذائل المهلكة والاتصاف بجميع الفضائل المنجية ، فإن حال المتفكر في جلال الله وعظمته مع اتصافه بالأخلاق الرذيلة ، كحال العاشق الذي خلي

188

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : ملا محمد مهدي النراقي    جلد : 1  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست