responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : ملا محمد مهدي النراقي    جلد : 1  صفحه : 121


كتاب الله بعضه ببعض ! انظروا فيما أمركم الله فافعلوا وما نهاكم عنه فانتهوا " فهذا تنبيه على منهج الحق .
ثم لا ريب في أن نورانية اليقين ووضوحه ، بل واطمئنان القلب وسكونه لا يحصل من مجرد صنعة الجدل والكلام ، كما لا يحصل من محض التلقين وتقليد العوام . بل ( الأول ) - أعني الاستضاءة بنور اليقين - يتوقف على ملازمة الورع والتقوى ، وفطام النفس عن الهوى ، وإزالة كدرتها وصدأها :
" وقد أفلح من زكاها " [20] .
وتطهيرها عن ذمائم الصفات والاشتغال بمشاق الرياضة والمجاهدات ، حتى يقذف في قلبه نورا إلهي تنكشف به الحجب والأستار عن حقائق هذه العقائد ، وهو غاية مقصد الطالبين وقرة عيون الصديقين والمقربين ، وله درجات ومراتب ، والناس فيه مختلفون بحسب اختلافهم في القوة والاستعداد والسعي والاجتهاد ، كما هم مختلفون في إدراك أنواع العلوم والصنائع " وكل ميسر لما خلق له " [21] .
وأما ( الثاني ) - أعني مجرد الاعتقاد الجازم الراسخ بظواهر تلك العقائد - فيمكن أن يحصل بما دون ذلك ، بأن يشتغل - بعد تلقين هذه العقائد والتصديق بها - بوظائف الطاعات ، ويصرف برهة من وقته في شرائف العبادات ، ويواظب على تفسير القرآن وتلاوته ، ودرس الحديث ودرايته ، ويحترز عن مخالطة أولي المذاهب الفاسدة وذوي الآراء الباطلة ، بل يجتنب كل الاجتناب عن مرافقة أرباب الهوى وأصحاب الشر والشقاء ، ويختار مصاحبة أهل الورع واليقين ، ومجالسة الأتقياء والصالحين ، ويلاحظ سيماهم وسيرتهم وهيئاتهم في الخضوع لله والاستكانة ، فيكون التلقين كإلقاء البذر في الصدر ، وهذه الأمور كالسقي والتربية له ، فينمو ذلك البذر بها ويتقوى ويزداد رسوخا ، حتى يرتفع شجرة طيبة راسخة أصلها ثابت وفرعها في السماء .
ثم من وصل إلى مقام العقيدة الجازمة إن اشتغل بالشواغل الدنيوية ولم يشتغل بالرياضة والمجاهدة لم ينكشف له غيره ولكنه إذا مات مات مؤمنا على الحق



[20] الشمس ، الآية : 9 .
[21] حديث نبوي مشهور ، تقدم ذكره صفحة " 26 " .

121

نام کتاب : جامع السعادات نویسنده : ملا محمد مهدي النراقي    جلد : 1  صفحه : 121
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست