ثم خفض صوته ( رحمه الله ) وقال بلهجة المؤمن الجازم : لقد رأيت في المنام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأعطاني غذاء وقال أطعمه لولدك علي ! فاطمأنيت ثقةً بصدق كلامه ( رحمه الله ) ، وليس اعتماداً على ما كتبه لي من أراضٍ ذات قيمة . ذهب بي إلى السيد ( رحمه الله ) وقال له : ما رأيكم في أن أجعل علياً وأشار إليَّ ، طالب علم ؟ فقال السيد : نعم ، علي يناسب لذلك ( بيطلع منو ) ، لكن أين تجد له مدرساً فهو صغير على النجف ! ولم يكن يومها في لبنان حوزة . قال الوالد ( رحمه الله ) : أسعى في أن يدرسه أحد المشايخ بتوصيتكم . قال السيد ( رحمه الله ) : لا بأس ، إذهب إلى الشيخ الفلاني ، وقل له : أريد أن أدرِّس ولدي طالب علم ، فإن وافق فأسْكنه في قريتهم . وفي اليوم التالي أخذني الوالد إلى بيت شيخ في قريتهم القريبة من صور وعرض عليه الموضوع ، فطلب مهلة ليجيبنا . وبعد أيام أخبرني الوالد أن ابن الشيخ اعتذر له بأن سن الشيخ وظروفه لا تسمح له بالتدريس المنتظم . فأخبر الوالد السيد ( رحمه الله ) ، فوجهه إلى شيخ آخر ، وذهبنا إلى قريته ، فقالوا ذهب إلى الكرم ، فوجدناه ( رحمه الله ) جالساً تحت زيتونة ، فسلمنا عليه وأخبره الوالد ، فكلمني وأعجبه أني نجحت في شهادة ( السِّرْتفيكا ) الرسمية ، وكانت في وقتها رتبة ، مع أنها شهادة بإكمال الصف الخامس ابتدائي . امتحنني الشيخ بالإملاء ، ثم بالإنشاء ، وأعطاني درجة نجاح ، وقال للوالد : يا أبا داود ، ابنك يفهم ويصلح أن يكون طالب علم ، لكني لا