الذي يسلك الطريق الحركي يكون صاغ كل فهمه للإسلام وفعالياته له ، على أساس تصوره الحركي للإسلام وليس التقليدي ! كنا نُقَسِّمُ الطلبة في الحوزة إلى قسمين : واعين ، وغير واعين . ونقصد بالواعي من يؤمن بأن الإسلام دينٌ ودولة ، ويعمل لإقامة دولته . ونقسمهم إلى : عامل وجامد ، ونقصد بالجامد الذي لا يعمل لتوعية الناس على الإسلام الحركي ، ولو كان يعمل لتوعيتهم على عقائد الإسلام وفقهه ، وثقافته ، وسلوكه . وكنا نقول للطالب والشاب الذي ندعوه : ألا ترى فساد الواقع في هذا البلد وفي كل بلاد المسلمين ؟ فيقول : بلى . فنقول له : ألا ترى ضروة العمل لتغيير هذا الواقع ؟ فيقول : بلى . فنقول : إذن إعمل معنا في تنظيمنا وحركتنا لندعو المسلمين إلى الإسلام ، ونقيم دولته التي تنقذهم وتغير واقعهم . كنا نتصور أن ذلك طريق رضا الله تعالى ومحراب عبادته ، فوهب المخلصون منا أنفسهم لهذا الطريق ، وعبدوا الله تعالى بأنواع الأنشطة التي يحتاج إليها عمل الدعوة . بل كان بعضهم يعتقد أن عمل الدعوة وما يتصل به ، أفضل عند الله من عامة المستحبات ، وأحياناً من بعض الواجبات . وبعد سنين طويلة وجدنا أن أهدافنا وتصوراتنا بعيدة عن الواقع ، بل مفصومة عنه ، لأنها مفرطة في الأمل ، محلقة في عالم التمنيات والخيال . فكان أول ما يجب علينا أن نفحص فكرنا : هل كان وعياً أم خيالاً ؟