فهرب مني ، فصرت أهاجمه وأمسك بذيله وأدور به بسرعة عدة دورات ، ثم أتركه دفعة واحدة ، فيهرب خائفاً وهو يعوي ! كان زميلي يطمئن إذا خرج معي إلى البرية ، حتى لو رأينا حية أو هاجمنا كلب ! لكنه لا يحب الخروج إلا إذا كنا مجموعة وذهبنا لنجلس في مكان قريب ومعنا سماور الشاي . وبما أنه لم يكن لي رفيق في القرية غيره ، فصرت أذهب إلى البرية وحدي ! كنت في الصيف والربيع أذهب بعد إكمال دروسي ، ومعي بندقية لصيد العصافير ، فاستكشفت أراضي البياض من جهاتها الأربع ، وحفظت أكثر أوديتها من جهة قانا ، فقد كانت عامرة بالكُرُوم ( البساتين ) والعصافير . وكان استكشاف أودية البياض سهلاً عليَّ ، لأني تعودت على جبال ياطر وأوديتها وهي أضعافها في العمق والوعورة ، وأشجار الغابات . فقريتنا تعتبر من الجبل وترتفع عن سطح البحر نحو 800 متراً ، بينما تعتبر البياض من الساحل ، ولا ترتفع عن سطح البحر نصف ذلك . كما تتميز قريتنا بأن مساحة بريتها والأودية التابعة لها أكثر من غيرها من قرى جبل عامل ، فهي تمتد جنوباً إلى حدود فلسطين ، ومن الجنوب الغربي إلى ساحل صور . وأوديتها عميقة ، وأقربها إلى القرية وادي الدُّب ، ثم وادي النِّطَارة ، وأطولها وادي العيون الغنية بالمياه ، وتستمر حتى تصل إلى ساحل البحر بين الناقورة وصور . وأكثر أوديتها خضراء .