وكان بعض الناس يعملون في كرومهم يجمعون التين في آخر موسمه ، فاخترت مكاناً لأجلس فيه كل يوم ، فأكتب درسي وأحفظ . انتظمت دراستي لشهور حتى استطاع الوالد ( رحمه الله ) أن يقنع أحد الآباء في القرية بأن يرسل ابنه ليدرس معي ، وهو الشيخ نجيب سويدان ( رحمه الله ) . وكنت في أواخر كتاب القطر عندما التحق بي ، فأمرني أستاذي أن أشرح له كل يوم درساً مما فاته ، ففعلت . كان برنامجنا : درسين قبل الظهر ، ثم نكتب درس النحو ، ثم نتباحث في الدروس الماضية ، فيكون أحدنا يوماً أستاذاً يشرح ، ويُشكل عليه الآخر . كانت عوامل تثبيت الدرس في ذهننا أربعة : 1 - تدريس الأستاذ . 2 - ثم كتابة الدرس . 3 - ثم التباحث فيه . 3 - ثم أسئلة العلماء وأساتذة العربية ، الذين يزورون أستاذنا ، أو نلتقي بهم ، فيسألوننا عن إعراب جملة أو بيت شعر . وكان هذا العامل الأخير يوازي الجميع ، لأنه يفتح للطالب فهم أنواع التراكيب العربية ، في ترتيب مفرداتها ، وحركات إعرابها ، وعود ضمائرها . أما مباحثات الفقه وأسئلته ، فتقوي حفظ الطالب للأحكام والتعابير الفقهية ، وتعلمه منطق الفقه الإسلامي ، وتدربه على سليقته القانونية ، وما يكون منه معقولاً ، أو نادراً ، أو شاذاً . أما اليوم فنرى بعض المدارس تقتصر على إعطاء الأستاذ الدرس ، ولا