وكان الحزب الشيوعي في العراق أقوى الأحزاب الشيوعية في البلاد العربية ، تنظيراً وتنظيماً وحجماً ، ويليه الحزب الشيوعي السوداني ، ويوازيهما حزب توده الإيراني ، أي حزب جمهور الشعب . ويرى بعض المحللين أن الإنكليز دفعوا عبد الكريم لتبني الحزب الشيوعي العراقي وإطلاق يده ، ليكشفوا الشيوعيين ، ويضربوهم . لكن الحقيقة أن عبد الكريم كان يرى أن عبد الناصر يعمل لإسقاط نظامه وأن الشيوعيين قوة تحمي حكمه من القوميين والبعثيين والمتدينين ، وهذا هو السبب الأساس لتسليمه المقاومة الشعبية لهم ، وإطلاقه أيديهم . وقد استغل الشيوعيون الفرصة وكأن العراق صار ماركسياً لينينياً ، فأنشأوا المنظمات الشعبية ، وأشهرها منظمة أنصار السلام ، وسيطروا على أكثر الإتحادات والنقابات ، كاتحاد الجمعيات الفلاحية ، واتحاد الطلبة . . الخ . وأمسكت هذه المنظمات بالعراق ، وحكمت مدنه وقراه ، وكان أسوأها ميليشيا المقاومة الشعبية ، التي انتشر مسلحوها في نقاط تفتيش وحكموا البلاد ، فكانوا يعتقلون ويُرعبون ، وقد يقتلون ولا رقيب ولا حسيب ! وما زال الناس إلى اليوم يذكرون أفاعيلهم ، خاصة في الموصل بعد ثورة الشواف الناصرية الفاشلة ، في آذار 1959 م ، وما ارتكبوه من قتل وسحل ، وتعليق للقتلى على أعمدة الكهرباء ! * *