4 - نموذج لطالب غبي كان صاحبنا جاداً وقوراً خجولاً ، لا يضحك إلا تبسماً وهو يضع يده على فمه ، ولا يجلس معنا في باحة المدرسة ، ويقضي وقته في غرفته بالصلاة وقراءة الأدعية والقرآن . كان ينتقدنا إذا رفعنا صوتنا بالضحك ، أو أطلنا في السهر فيقول : كيف تريدون الاستيقاظ لصلاة الصبح ، وأنتم تسهرون كثيراً ؟ وكان يدرس وكأنه لا يدرس ، فلا يتحدث بشئ من دروسه ، ولا يباحث أحداً ، وإذا طُرحت مسألة علمية بقي على الشاطئ ولم يمد يده إلى بحرها ولا نهرها . بينما يتكلم بحماس في أمور أخلاقية جزئية ، فيتشدد مثلاً في النهي عن القهقهة ويوبخ صاحبها ، وكأنه ارتكب كبيرة من الكبائر ! ومع سطحيته وشدته ، كان يعجبني في سمته وهديه فقلت في نفسي : أطلب منه مباحثةً لعلي أفيده علمياً ، وأستفيد من سمته وأخلاقه . وطلبت منه بحثاً في مغني اللبيب فقبل مرحِّباً ، وفي الوقت المحدد طلبت منه أن يبدأ فقرأ : « الألف المفردة : تأتي على وجهين : أحدهما أن تكون حرفاً ينادى به القريب كقوله : أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل . ونقل ابن الخباز عن شيخه أنه للمتوسط ، وأن الذي للقريب : يا . وهذا خرق لإجماعهم . والثاني : أن تكون للاستفهام وحقيقته طلب الفهم نحو : أزيد قائم ، وقد أجيز الوجهان في قراءة الحرميين : أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ . . الخ » .