وشرح صاحبنا المطلب فخلط بين أدوات نداء القريب والبعيد والمتوسط وفسر طلب الفهم في الاستفهام ، بطلب التعمق لمعرفة الحقيقة ! لكن المصيبة عندما وصل إلى قول ابن هشام : « فصل : قد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي فترد لثمانية معان : أحدها : التسوية . . والثاني : الإنكار الإبطالي . . والثالث : الإنكار التوبيخي . . والرابع : التقرير . . والخامس : التهكم . . والسادس : الأمر . . والسابع : التعجب . . والثامن : الإستبطاء . . الخ . فخاضها معركة دموية مع هذه المعاني ، يخبطها ويخلطها ، ويشتبك مع أحدها ويقعان أرضاً ! وأخذت أصحح له بلطف ، فكان يقبل الشئ ثم يتبنى نقيضه ! فقبول الفكرة عنده له معنى يختلف عن معناه عند الناس ! وبعد أيام تيقنت أن مشكلته في بنيته الفكرية التحتية ، فالبديهي عنده غير بديهي ، والكسبي قد يكون بديهياً ، والمتناقض غير متناقض ! والأمر المعضل فيه : أنه اتخذ قراراً حاسماً حازماً جازماً ، باتاً قاطعاً قطعياً ، وكأنه حلف يميناً مغلظةً : أن لا يغير طريقة تفكيره ! فودعته على خير . وأكمل صاحبنا دراسته في الحوزة ، ودرس نصيبه من الفقه والأصول ، وبحث الخارج ، وتخرج عالماً ! وصار عالم بلدة ، فكان يؤم الناس في مسجد ، ويدرسهم الأحكام الشرعية ، ويلقي عليهم مواعظه ! ورأيته بعد مدة ، فسألته عن عمله فكان راضياً ، وسألت بعض المصلين في مسجده فشكَوْا من تشدده الذي عرفناه في المدرسة .