نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 236
أكمل وجه في هذا الرجل الإلهي . إنه معلم مدرسة الانسانية ومثلها الأعلى . فلقد خضع له الصديق والعدو ، المسلم وغير المسلم ، وكل من اطلع على تاريخه المشرق النير . هذه الشخصية الإلهية الكبيرة نجده يفخر بكل صراحة بالتربية التي تلقاها في أيام طفولته ويتحدث لنا عن الثروة المعنوية الضخمة التي حصل عليها في تلك المرحلة من حياته الشريفة ، ويتباهى بمربيه العظيم نبي الاسلام القدير فيقول : « وقد علمتم موضعي من رسول الله ( ص ) بالقرابة القربية والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسني جسده ويشمني عرفه » [1] . . . . ثم يستطرد فيقول : « يرفع لي في كل يوم علماً من أخلاقه ويأمرني بالاقتداء به » [2] لقد تشبعت جميع الميول العقلية والعاطفية للامام علي ( ع ) في فترة الطفولة في حجر النبي الحنون ، فلقد أروى عواطفه بالمقدار الكافي من ينبوع محبته وعطفه من جهة ولقد أعطاه دروساً في الأخلاق وأمره باتباعها من جهة أخرى . ومن كان في طفولته واجداً لأثمن الذخائر الروحية والمادية من الوجهة الوارثية ، ومن ناحية التربية قد تلقى المثل في أطهر أسرة وكان مربيه الرسول الأعظم ( ص ) جدير بأن يكون في الكبر قائد السعادة البشرية وأمير جيش الإيمان والتقوى . . . إن الأساليب التربوية العميقة الحكيمة التي اتخذها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مع علي ( ع ) قد أحيت جميع مواهبه الكامنة وأوصلته في مدة قصيرة إلى أعلى مدارج الكمال ، فلقد تقبل الاسلام في العاشرة من عمره عن وعي وإدراك