نام کتاب : الطفل بين الوراثة والتربية نویسنده : الشيخ محمد تقي فلسفي جلد : 1 صفحه : 180
وإذا نظرنا إلى الحيوانات ، وجدنا أنها هي أيضاً تتكون من خليط من نطفة الذكر والأنثى . فالخلية الأولى للخروف أو الأرنب إنما هي خليطة ( أمشاج ) ، وبذلك تشبه الانسان . . . إلا أنه ألحق كلمة ( نبتليه ) بعد كلمة ( أمشاج ) بالنسبة إلى الانسان ، وهذه عبارة عن فصل مميز بين الانسان وسائر الحيوانات ، وذلك لأن الاختبار إنما يصح عندما يكون الشخص المختبر مالكاً للحرية والاختيار ، فمثلاً لا يمكن أن يقال بالنسبة إلى الشخص المسجون في سجن لوحده والمراقبة مشددة عليه : أنه يمتحن ليرى هل يسرق أم لا ؟ . لأنه غير قادر على السرقة في محيط السجن فيجب أن يخرج من محيط السجن الضيق ويتجول بين المجتمع بحرية كي يعرف أنه سارق أم لا . إن الخروف والأرنب وغيرهما من الحيوانات ، قد تكونوا من نطفة أمشاج أيضاً ، ولكن لا يوجد امتحان بالنسبة إليهم ، لأنهم مسجونون في سجن الغرائز ، ولا يملكون إختياراً من أنفسهم . والانسان هو الذي تخلق خليته الأولى ونطفته الأصلية منذ اللحظة الأولى على أساس هابليته للاختبار والحرية وأوجد مع ملاحظة إحتوائه على الإرادة والاختيار . وبهذا الصدد يقول الله تعالى : « إنا هديناه السبيل ، إما شاكراً وإما كفوراً » [1] . فالانسان فقط هو الذي يستطيع أن يشكر نعمة الهداية الإلهية بحرية ويؤدي واجبه على أحسن صورة أو يكفر بالنعمة وينحرف عن طريق الحق والاستقامة . وبالرغم من أن الحيوانات تملك أيضاً نصيباً وافراً من نعمة الهداية الإلهية ، فلم يرد في حقها « إما شاكراً وإما كفوراً » . . . وهي علامة الحرية وسمة الاختبار . فإنها مجبرة على اتباع المنهج الفطري الإلهي دون زيادة أو نقصان ، ولذلك يقول الله تعالى : « ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ، إن ربي