قال عز من قائل في محكم كتابه المجيد : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأْرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ( 22 ) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ( [ الحديد / 23 - 24 ] . تشمل هاتان الآيتان على جملة من البحوث القيمة نذكرها - إن شاء الله - بعد ذكر مقدمة صحية تناسب تلك البحوث فنقول : الهمّ ومضارّه وعلاجه الهم - ولا سيما إذا كان متواصلاً - هو أعظم مقوّض للصحة وأكبر هادم للكيان الإنساني تنهار به صحته وتذهب فتوته فيصير صاحبه هزيل الجسم ضعيفاً في مقاومة الأمراض ومجابهة الصعاب ، وهو في الحقيقة عامل لكثير من الأمراض في الإنسان وأكبر سالب للصحة والنشاط منه ، وهذا أمر أتفق عليه العقل والشرع والطب وأثبتته التجارب ودل عليه الحس والوجدان لذلك يقول حكيم الإسلام علي ( ع ) : الهم نصف الهرم . ولو أردنا ان نفكر في العوامل الرئيسية لحدوث الهم في الإنسان لرأيناها تعود غالباً إلى أمر واحد ، هو الحرص على الدنيا والحب لها . وليعلم كل إنسان انه مهما كان حريصاً على دنياه محباً لها فإنه لا يستطيع ان يحصل على جميع آماله فيها ، إذ لابد وان تسره يوماً وتسيأه يوماً آخر ، كما قيل : ويوم نُساءُ ويوم نُسَرّ . فيوم علينا ويوم لنا .