ومن جهة أخرى يجب ان لا يسرف فيما يتنعم به لأن الله نهانا عن الإسراف ، ومن جهة ثالثة يجب ان يخرج الحقوق الواجبة عليه من خمس وزكاة ورد المظالم ثم يتجمل بتلك النعم ، ويستحسن له أيضاً ان يتصدق على الفقراء والمعوزين من أرحامه وجيرانه وسائر الفقراء إقتداءً بالأئمة الهداة . قال الإمام الرضا لمحمد بن أبي نصر : البس وتجمل فإن علي بن الحسين كان يلبس الجبة الخز بخمسمائة درهم والمطرف الخز بخمسين ديناراً فيشتري فيه فإذا خرج الشتاء باعه وتصدق بثمنه . والتجمل بالثياب غير منحصر بالثياب الفاخرة الغالية بل يمكن للإنسان ان يتجمل بحسب حاله بأن يلبس ثياباً عادية رخيصة ، ولكنه يلتزم بتنظيفها فلا يلبس إلا الثياب النظيفة . وقد نص القرآن المجيد على ذلك بقوله تعالى : ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ( 4 ) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ( [ المدثر / 5 و 6 ] والرجز هنا النجاسات ، وقيل : العذاب ، ويكون معناه : اهجر ما يسبب لك العذاب من الذنوب والمعاصي ، والواقع ان أكثر الناس يعتنون بنظافة ثيابهم وأجسامهم ولكنهم يهملون نظافة قلوبهم أي نفوسهم من أدران الذنوب والمعاصي ، وإلى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين ( ع ) بقوله فيما نسب إليه : وثوب لبسك مغسول من الدنس ان السفينة لا تجري على اليبس . ما بال دينك ترضى ان تدنسه ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها . وقال سيد الأنبياء : من اتخذ ثوباً فلينظفه .