نام کتاب : الرفق في المنظور الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 14
أي أن لينك لهم مما يوجب دخولهم في الدين ، لأنك تأتيهم مع سماحة أخلاقك وكرم سجيتك بالحجج والبراهين [1] . فلولا هذا الرفق الذي اعتمده الرسول مع من أرسل إليهم لما تمكن من استقطاب الناس حول رسالته ، إذ إن الفضاضة والغلظة المناقضة للرفق واللين إذا ما اعتمدت خيارا منهجيا في التبليغ والدعوة إلى الحق فإن مردودها سيكون عكسيا ، لا يثمر استقطاب الناس حول ذلك الحق وإن كان أبلجا . بل على العكس من ذلك ، سيعمل على التنفير وانفضاض الناس من ساحة ذلك القطب الهادي والمنار الواضح . فالناس في حاجة إلى كنف رحيم ، وإلى رعاية فائقة ، وإلى بشاشة سمحة ، وإلى ود يسعهم ، وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم . . في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ، ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمه ، ويجدون عنده دائما الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضا . وتعميقا لروح الرفق واللين التي يريدها الله جل شأنه في الدعوة إلى الحق ، جاء التأكيد في نفس تلك الآية المباركة على ما يجسد حالة الرفق واللين العملي بين يدي المؤمنين ، في جملة مكارم الأخلاق التي اهتم الاسلام بتحقيقها على النحو الأكمل وإشاعتها بين الناس ، فهي تأمر بالعفو لمن يسيء والغفران لمن يخطئ ، ليتجلى الرفق ويتمظهر اللين في حركة التغيير والاصلاح على منهجية المبلغ الرسالي ( فاعف عنهم واستغفر لهم ) .