فإنه لولا هذا الشعر لما ذُكر اسمه ، ولا عُرف رسمه ، ولا فاز له قدحٌ ، ولا أشرق له صبحٌ ، ولكنْ سارَ بهذا الشعر صيتُه ، وعلا صوتُه ، وحيَّ ذكرُه وإن تقادم موته ، وقد كان الأجواد يتغايرون على بناتِ الأفكار كتغايرهم على البنات الأبكار . كما حُكي أن أبا دُلَفٍ العِجلي كان يساير أخاه فبصرت بهما امرأتان ، فقالت إحداهما للأخرى : هذا أبو دلف الذي يقول فيه عليّ بن جَبَلَة الطوسيّ : إنَّما الدنيا أبو دُلَفٍ * بينَ بادِيه ومحتضره فإذا ولَّى أبو دُلَفٍ * ولَّتِ الدنيا على أثَرِه قالت : نعم فبكى أبو دلف ، فقال أخوه : مم تبكي ، قال : كوني لم أجازِ عليّاً على شعره ، قال : أوَلَم تُعطه مائة ألف درهم ، قال : بلى ولكني والله نادم إذ لم أجعلها دنانير . أخذتها أنا فقلت : إنما الدنيا ابنُ نَصْرٍ * ونَداه والعَطاءُ فإذا ولَّى ابنُ نَصْرٍ * فعلى الدنيا العَفاءُ وقد كرَّرهما ابنُ جَبَلَة ، فقال : إنما الدنيا حُمَيْدٌ * وأياديه الجِسَامُ فإذا ولَّى حُمَيْدٌ * فعلى الدنيا السَّلامُ