responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 365


فيوزع عليهما وعلى الجملة الاحتمالات أربعة : أما العمل بالدليلين جميعا ، أو إسقاطهما جميعا ، أو تعيين أحدهما بالتحكم ، أو التخيير ، ولا سبيل إلى الجمع عملا وإسقاطا لأنه متناقض ، ولا سبيل إلى التوقف إلى غير نهاية ، فإن فيه تعطيلا ، ولا سبيل إلى التحكم بتعيين أحدهما ، فلا يبقى إلا الرابع وهو التخيير ، كما في اجتماع المفتيين على العامي ، فإن قيل : كما استحالت الأقسام الثلاثة فالتخيير أيضا جمع بين النقيضين فهو محال ؟ قلنا : المحال ما لو صرح الشرع به لم يعقل ، ولو قال الشارع : من دخل الكعبة فله أن يستقبل أي جدار أراد فيتخير بين أن يستقبل جدارا أو يستدبره كان معقولا ، لأنه كيفما فعل فهو مستقبل شيئا من الكعبة ، وكيفما تقلب فإليها ينقلب ، وكذلك إذا قال : تعبدتكم باتباع الاستصحاب ثم تعارض استصحابان ، فكيفما تقلب فهو مستصحب ، كما إذا أعتق عن كفارته عبدا غائبا انقطع خبره ، فالأصل بقاء الحياة ، والأصل بقاء اشتغال الذمة فقد تعارضا ، وكذلك إذا علم المجتهد أن في التسوية في العطاء مصلحة وهي الاحتراز عن وحشة الصدور بمقدار التفاوت الذي لا يتقدر إلا بنوع من الاجتهاد ، وفي التفاوت مصلحة تحريك رغبات الفضائل ، وهما مصلحتان ربما تساوتا عند الله تعالى أيضا فكيفما فعل فقد مال إلى مصلحة ، وكذلك قد تشبه المسألة أصلين شبها متساويا وقد أمرنا باتباع الشبه فكيفما فعل فهو ممتثل ، و مثاله قوله تعالى عليه السلام في زكاة الإبل : في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة فمن له من الإبل مائتان فإن أخرج الحقاق فقد عمل بقوله عليه السلام : في كل خمسين حقة وإن أخرج بنات لبون فقد عمل بقوله : في كل أربعين بنت لبون وليس أحد اللفظين بأولى من الآخر فيتخير ، فكذلك عند تعارض الاستصحاب و المصلحة والشبه ، فإن قيل التخيير بين التحريم ونقيضه يرفع التحريم ، والتخيير بين الواجب وتكره يرفع الوجوب ، والجمع بين أختين مملوكتين أما أن يحرم أو لا يحرم ، فإن قلنا بهما جميعا فهو متناقض ، قلنا : يحتمل أن يرجع عند تعارض الدليل الموجب والمسقط إلى الوجه الآخر ، وهو القول بالتساقط ، ويطلب الدليل من موضع آخر ، ويخص وجه التخيير بما لو ورد الشرع فيه بالتخيير لم يتناقض مما يضاهي مسألة بنات اللبون والحقاق ، وكالاختلاف في المحرم إذا جمع بين التحليلين الواجب عليه بدنة أو شاة إذ التخيير بينهما معقول ، فيحصل في تعارض الدليلين ثلاثة أوجه : وجه في التساقط ، ووجه في التخيير ، ووجه في التفصيل ، وفصل بين ما يمكن التخيير فيه من الواجبات ، إذ يمكن التخيير فيها وبين ما يتعارض فيه الموجب والمبيح أو المحرم والمبيح ، فلا يمكن التخيير فيه فيرجع إلى التساقط ، وإن أردنا الاصرار على وجوب التخيير مطلقا فله وجه أيضا ، وهو أنا نقول :
إنما يناقض الوجوب جواز الترك مطلقا ، أما جوازه بشرط فلا ، بدليل أن الحج واجب على التراخي ، وإذا أخر ثم مات قبل الأداء لم يلق الله عاصيا عندنا إذا أخر مع العزم على الامتثال ، فجواز تركه بشرط العزم لا ينافي الوجوب ، بل المسافر مخير بين أن يصلي أربعا فرضا وبين أن يترك ركعتين فالركعتان واجبتان ، ويجوز أن يتركهما ، ولكن جاز تركهما بشرط أن يقصد الترخص ويقبل صدقة قد تصدق الله بها على عباده فهو كمن يستحق أربعة دراهم على غيره فقال له : تصدقت عليك بدرهمين ، إن قبلت وإن لم تقبل ، وأتيت بالأربعة قبلت

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 365
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست