نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 358
من المجتهدين في القبلة والاناءين إذا اختلف اجتهادهما أن يقتدي بالآخر ، لان صلاة كل واحد صحيحة ، فلم لا يقتدي بمن صحت صلاته ، وكذلك ينبغي أن يصح اقتداء الشافعي بحنفي إذا ترك الفاتحة أيضا صحيحة ، لأنه بناها على الاجتهاد ، فلما اتفقت الأمة على فساد هذا الاقتداء دل على أن الحق واحد ؟ والجواب : أن الاتفاق في هذا غير مسلم ، فمن العلماء من جوز الاقتداء مع اختلاف المذاهب ، وهو منقدح ، لان كل مصل يصلي لنفسه ، ولا يجب الاقتداء إلا بمن هو في صلاة ، وصلاة الامام غير مقطوع ببطلانها ، فكيف يمتنع الاقتداء ، ولو بان كون الامام جنبا ربما لم يجب قضاء الصلاة ، ولو سلمنا فنقول : إنما يجوز الاقتداء بمن صحت صلاته في حق المقتدي ، وللمقتدي أن يقول صلاة الامام صحيحة في حقه ، لأنها على وفق اعتقاده فاسدة في حقي ، لأنها على خلاف اعتقادي فظهر أثر صحتها في كل ما يخص المجتهد ، أما ما يتعلق بمخالفته فينزل منزلة الباطل ، والاقتداء يتعلق بالمقتدي ، فصلاته لا تصلح لقدوة من يعتقد فسادها في حق نفسه ، وإن كان يعتقد صحتها في حق غيره ، والدليل عليه أن الامام وإن صلى بغير فاتحة فيحتمل صلاته الصحة بالاتفاق ، إذ الشافعي لا يقطع بخطئه ، فلم فسد اقتداؤه بمن تجوز صحة صلاته ويجوز بطلانها ، وكل إمام فيحتمل أن تكون صلاته باطلة بحدث أو نجاسة لا يعرفها المقتدي ولا تبطل صلاته بالاحتمال ، فلا سبب لها إلا أنها باطلة في اعتقاده وبموجب اجتهاده ونحن نقول هي باطلة بموجب اعتقاده في حقه لا في حق إمامه ، وبطلانها في حقه كاف لبطلان اقتدائه . الشبهة الرابعة : قولهم إن صح تصويب المجتهدين فينبغي أن نطوي بساط المناظرات في الفروع ، لان مقصود المناظرة دعوة الخصم إلى الانتقال عن مذهبه ، فلم يدع إلى الانتقال ، بل ينبغي أن يقال : ما اعتقدته فهو حق فلازمه ، فإنه لا فضل لمذهبي على مذهبك ، فالمناظرة إما واجبة وإما ندب وإما مفيدة ، ولا يبقى لشئ من ذلك وجه مع التصويب . والجواب : أنا لا ننكر أن جماعة من ضعفة الفقهاء يتناظرون لدعوة الخصم إلى الانتقال لظنهم أن المصيب واحد ، بل لاعتقادهم في أنفسهم أنهم المصيبون ، وأن خصمهم مخطئ على التعيين ، أما المحصلون فلا يتناظرون في الفروع ، لذلك لكن يعتقدون وجوب المناظرة لغرضين واستحبابها لستة أغراض ، أما الوجوب ففي موضعين : أحدهما : أنه يجوز أن يكون في المسألة دليل قاطع من نص أو ما في معنى النص أو دليل عقلي قاطع فيما يتنازع فيه في تحقيق مناط الحكم ، ولو عثر عليه لامتنع الظن والاجتهاد ، فعليه المباحثة والمناظرة حتى ينكشف انتفاء القاطع الذي يأثم ويعصي بالغفلة عنه . الثاني : أن يتعارض عنده دليلان ويعسر عليه الترجيح ، فيستعين بالمباحثة على طلب الترجيح ، فإنا وإن قلنا على رأي أنه يتخير فإنما يتخير إذا حصل اليأس عن طلب الترجيح وإنما يحصل اليأس بكثرة المباحثة . وأما الندب ففي مواضع : الأول : أن يعتقد فيه أنه معاند فيما يقوله غير معتقد له ، وأنه إنما يخالف حسدا أو عنادا أو نكرا فيناظر ليزيل عنهم معصية سوء الظن ويبين أنه يقوله عن اعتقاد واجتهاد . الثاني : أن ينسب إلى الخطأ وأنه قد خالف دليلا قاطعا فيعلم جهلهم ،
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 358