responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 350


الشرع لكان محالا بخلاف مذهب الجاحظ ، وقد استبشع إخوانه من المعتزلة هذا المذهب فأنكروه وأولوه وقالوا أراد به اختلاف المسلمين في المسائل الكلامية التي لا يلزم فيها تكفير ، كمسألة الرؤية ، وخلق الأعمال ، وخلق القرآن ، وإرادة الكائنات لان الآيات والاخبار فيها متشابهة وأدلة الشرع فيها متعارضة ، وكل فريق ذهب إلى ما رآه أوفق لكلام الله وكلام رسوله عليه السلام وأليق بعظمة الله سبحانه وثبات دينه ، فكانوا فيه مصيبين ومعذورين ، فنقول أن زعم أنهم فيه مصيبون فهذا محال عقلا لأن هذه أمور ذاتية لا تختلف بالإضافة ، بخلاف التكليف فلا يمكن أن يكون القرآن قديما ومخلوقا أيضا ، بل أحدهما ، والرؤية محالا وممكنا أيضا ، والمعاصي بإرادة الله تعالى وخارجة عن إرادته ، أو يكون القرآن مخلوقا في حق زيد قديما في حق عمرو ، بخلاف الحلال والحرام ، فإن ذلك لا يرجع إلى أوصاف الذوات ، وإن أراد أن المصيب واحد لكم المخطئ معذور غير آثم ، فهذا ليس بمحال عقلا لكنه باطل بدليل الشرع ، واتفاق سلف الأمة على ذم المبتدعة ومهاجرتهم وقطع الصحبة معهم وتشديد الانكار عليهم ، مع ترك التشديد على المختلفين في مسائل الفرائض وفروع الفقه ، فهذا من حيث الشرع دليل قاطع ، وتحقيقه أن اعتقاد الشئ على خلاف ما هو به جهل ، والجهل بالله حرام مذموم ، والجهل بجواز رؤية الله تعالى وقدم كلامه الذي هو صفته وشمول إرادته المعاصي وشمول قدرته في التعلق بجميع الحوادث ، كل ذلك جهل بالله وجهل بدين الله فينبغي أن يكون حراما ، ومهما كان الحق في نفسه واحدا متعينا كان أحدهما معتقدا للشئ على خلاف ما هو عليه فيكون جاهلا فإن قيل : يبطل هذا بالجهل في المسائل الفقهية وبالجهل في الأمور الدنيوية كجهل إذا اعتقد أن الأمير في الدار وليس فيها وأن المسافة بين مكة والمدينة أقل أو أكثر مما هي عليها ، قلنا : أما الفقهيات ، فلا يتصور الجهل فيها ، إذ ليس فيها حق معين وأما الدنيويات فلا ثواب في معرفتها ولا عقاب على الجهل فيها ، أما معرفة الله تعالى ففيها ثواب وفي الجهل بها عقاب ، والمستند فيه الاجماع دون دليل العقل وإلا فدليل العقل لا يحيل حط المأثم عن الجاهل بالله فضلا عن الجاهل بصفات الله تعالى وأفعاله ، فإن قيل : إنما يأثم بالجهل فيما يقدر فيه على العلم ويظهر عليه الدليل والأدلة غامضة والشبهات في هذه المسائل متعارضة ، قلنا : وكذلك في مسألة حدوث العالم وإثبات النبوات وتمييز المعجزة عن السحر ففيها أدلة غامضة ، ولكنه لم ينته الغموض إلى حد لا يمكن فيه تمييز الشبهة عن الدليل ، فكذلك في هذه المسألة عندنا أدلة قاطعة على الحق ، ولو تصورت مسألة لا دليل عليها لكنا نسلم أنه لا تكليف على الخلق فيها .
- مسألة ( إثم المجتهد في الفروع ) ذهب بشر المريسي إلى أن الاثم غير محطوط عن المجتهدين في الفروع بل فيها حق معين ، وعليه دليل قاطع ، فمن أخطأه فهو آثم كما في العقليات لكن المخطئ قد يكفر كما في أصل الإلهية والنبوة ، وقد يفسق كما في مسألة الرؤية وخلق القرآن ونظائرها ، وقد يقتصر على مجرد التأثيم كما في الفقهيات ، وتابعه على هذا من القائلين بالقياس ابن علية وأبو بكر الأصم ، ووافقه جميع نفاة القياس ، ومنهم الامامية وقالوا : لا مجال للظن في الاحكام لكن العقل قاض بالنفي الأصلي في جميع الأحكام إلا ما استثناه دليل سمعي قاطع فما

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 350
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست