11 - وصيته حين مرض الفخر - رحمه الله - وأحسن بدنو الاجل أملى وهو في شدة مرضه على تلميذه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصفهاني وصيته وذلك في يوم الأحد الحادي والعشرين من شهر محرم سنة ( 606 ) ه وامتد مرضه بعدها إلى أن توفي . وقد رأينا أن نذكر هذه الوصية كما ذكرها ابن أبي أصيبعة ، لما فيها من العبرة والموعظة . . ولاهتمام الكثيرين - من العلماء والمؤرخين - بروايتها وتحليلها وهذا نصها : بسم الله الرحمن الرحيم يقول العبد الراجي رحمة ربه ، الواثق بكرم مولاه ، محمد بن عمر بن الحسين الرازي ، وهو في آخر عهدة بالدنيا ، وأول عهده بالآخرة ، وهو الوقف الذي يلين فيه كل قاس ، ويتوجه إلى مولاه كل آبق : إني أحمد الله - تعالى - بالمحامد التي ذكرها أعظم ملائكته في أشرف أوقات معارجهم ، ونطق بها أعظم أنبيائه في أكمل أوقات مشاهداتهم ، بل أقول كل ذلك من نتائج الحدوث والامكان فأحمده بالمحامد التي تستحقها ألوهيته ، ويستوجبها كمال ربوبيته ، عرفتها أو لم أعرفها ، لأنه لا مناسبة للتراب ، مع جلال رب الأرباب . وأصلي على الملائكة المقربين ، والأنبياء المرسلين ، وجميع عباد الله الصالحين . ثم أقول - بعد ذلك - : اعلموا إخواني في الدين ، وإخواني في طلب اليقين أن الناس يقولون : الانسان إذا مات انقطع تعلقه عن الخلق ، وهذا العام مخصوص من وجهين : الأول : أنه إن بقي منه عمل صالح صار ذلك سببا للدعاء ، والدعاء له أثر عند الله . والثاني : ما يتعلق بمصال الأطفال ، والأولاد ، والعورات ، وأداء المظالم والجنايات . أما الأول : فاعلموا أني كنت رجلا محبا للعلم ، فكنت أكتب في كل شئ شيئا لا أقف على كمية وكيفية ، سواء كان حقا أو باطلا أو غثا أو سمينا ، إلا أن الذي