الغزالي - من أهل السنة - و " العهد " للقاضي عبد الجبار الهمداني " والمعتمد " لأبي الحسين البصري - من المعتزلة فإن هذه الكتب الأربعة قد ضمت جملة المباحث الأصولية ، فتناولت جميع مسائل هذا العلم - الخطير الشأن - بعد تكامله حتى أصبحت هذه الكتب الأربعة - مراجع هذا العلم ومنابع قواعده . ولما اتصفت به هذه الكتب الأربعة من صفات - قد تحد من مجال الاستفادة منها ، وتقلل من عدد المنتفعين بها من طلاب علوم الشريعة - ظهرت الحاجة إلى كتاب جامع لمزاياها ، محيط بمباحثها مجرد عما أخذ عليها . فتصدي لهذه المهمة الامام فخر الدين الرازي فألف كتابه " المحصول في علم أصول الفقه " ليكون الجامع لما في هذه الأمهات الأربعة من مسائل الأصول ، المجرد عن جميع المآخذ التي أخذت عليها ، وأضاف إلى ذلك من علمه الغزير ودقته في التعبير وحسن الأسلوب ، وسلاسة العبارة ما جعل " المحصول " مطم آمال طلاب " أصول الفقه " ومعقد رجائهم ، فأقبلوا عليه ، واستغنوا به عما سبقه . فمن هو الامام فخر الدين الرازي وما هو كتابه " المحصول " ؟ ! هذا ما سنوضحه في السطور التالية : 1 - عصر الإمام الرازي : لقد عاش الامام " فخر الدين الرازي " النصف الثاني من القرن السادس الهجري كله مع ست أو سبع سنين من النصف الأول منه - هي سنوات طفولته - كما عاش السنين الست الأولى من القرن السابع . وقد كانت هذه الحقبة من الزمن من أحرج الفترات في حياة الأمة الاسلامية : فالحملات الصليبية التي بدأت سنة " 494 ه ) كانت متتالية منذ ذلك التاريخ إلى أن توقف بعدما يقرب من مائتي عام منه . وكانت بلاد الاسلام خلالها هدفا لمختلف ضروب التوحش والهمجية التي جاء بها الغزاة . وفي الوقت ذاته كان على التخوم الشرقية لديار الاسلام أعداء أكثر توحشا وهمجية يعدون أيام الضعف والتدهور التي يعيشها المسلمون يوما يوما لينقضوا عليهم في أنسب فرصة تساعدهم على استئصال