نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 24
فهذا كلام العزيز الجبار الخالق البارئ قد نصصناه في اتباع البرهان ، وتكذيب قول من لا حجة في يديه ، وهو الذي لا يسع مسلما خلافه . لا قول من قال اذهب إلى شاك مثلك فناظره ، فيقال له : أترى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شاكا إذ علمه ربه تعالى مجادلة أهل الكتاب وأهل الكفر ، وأمره بطلب البرهان ، وإقامة الحجة على كل من خالفه ، ولا قول من قال : أو كلما جاء رجل هو أجدل من رجل تركنا ما نحن عليه ، أو كلاما هذا معناه . قال أبو محمد : وهذا كلام يستوي فيه مع قائله كل ملحد على ظهر الأرض ، فلئن وسع هذا القائل ألا يدع ما وجد عليه سلفه بلا حجة لحجة ظاهرة واردة عليه ، ليسعن اليهودي والنصراني ألا يدعا ما وجدا عليه سلفهما تقليدا بلا برهان ، وألا يقبلا برهان الاسلام الواردة عليهما وحجته القاطعة . قال الله عز وجل ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا . قال أبو محمد : فإذا قد حض الله تعالى على المجادلة بالحق وأمر بطلب البرهان فقد صح أن طلب الحجة هي سبيل الله عز وجل ، بالنص الذي ذكرنا أن من نهى عن ذلك وصد عنه ، فهو صاد عن سبيل الله تعالى ، ظالم ملعون بلا تأويل إلا الا عين النص الوارد من قبل الله تعالى وبالله نعتصم . وقال تعالى : * ( ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح ) ولا غيظ أغيظ على الكفار والمبطلين من هتك أقوالهم بالحجة الصادعة ، وقد تهزم العساكر الكبار ، والحجة الصحيحة لا تغلب أبدا ، فهي أدعى إلى الحق ، وأنصر للدين من السلاح الشاكي ، والأعداد الجمة ، وأفاضل الصحابة الذين لا نظير لهم ، إنما أسلموا بقيام البراهين على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم ، فكانوا أفضل ممن أسلم بالغلبة بلا خلاف من أحد من المسلمين . وأول ما أمر الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يدعو له الناس بالحجة البالغة بلا قتال ، فلما قامت الحجة وعاندوا الحق ، أطلق الله تعالى السيف حينئذ وقال تعالى : * ( قل فلله الحجة البالغة ) * وقال تعالى : * ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ) * ولا شك في أن هذا إنما هو بالحجة لان السيف مرة لنا ومرة علينا ، وليس كذلك
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 24