نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 20
الجدال المأمور به المحمود ، لأنا قد وجدناه تعالى قد قال : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا ) * ووجدناه تعالى قد قال : * ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) * فكان تعالى قد أوجب الجدال في هذه الآية ، وعلم فيها تعالى جميع آداب الجدال كلها من الرفق والبيان ، والتزام الحق والرجوع إلى ما أوجبته الحجة القاطعة . وقال تعالى : * ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ) * . ولم يأمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا شكا في صدق ما يدعو إليه ، ولكن قطعا لحجتهم وحسما لدعواهم وإلزاما لهم ، مثل ما التزم لهم من رجوعه إلى الأهدى واتباعه الامر الأصوب ، وإعلاما لنا أن من لم يأت بحجة على قوله يصير بها أهدى من قول خصمه ، ويبين أن الذي يأتي به هو من عند الله عز وجل ، فليس صادقا وإنما هو متبع لهواه . وقال تعالى : * ( قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون ئ قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ) * . قال أبو محمد : ففي هذه الآية بيان أنه لا يقبل قول أحد إلا بحجة ، والسلطان ههنا بلا اختلاف من أهل العلم واللغة هو الحجة ، وإن من لم يأت على قوله بحجة فهو مبطل بنص حكم الله عز وجل ، وأنه مفتر على الله تعالى ، وكاذب عليه عز وجل بنص الآية لا تأويل ولا تبديل ، وأنه لا يفلح إذا قال قولة لا يقيم على صحتها حجة قاطعة ، ووجدناه تعالى قد علمنا في هذه الآيات وجوه الانصاف الذي هو غاية العدل في المناظرة ، وهو أنه من أتى ببرهان ظاهر وجب الانصراف إلى قوله . وهكذا نقول نحن اتباعا لربنا عز وجل بعد صحة مذاهبنا لا شكا فيها ولا خوفا منه أن يأتينا أحد بما يفسدها ، ولكن ثقة منا بأنه لا يأتي أحد بما يعارضها به أبدا ، لأننا ولله الحمد أهل التخليص والبحث ، وقطع العمر في طلب تصحيح الحجة واعتقاد الأدلة ، قبل اعتقاد مدلولاتها ، حتى وفقنا ، ولله تعالى الحمد على ما ثلج اليقين ، وتركنا أهل الجهل والتقليد في ريبهم يترددون .
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 20