نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 103
خصومنا ، فإذ جميع الشرائع إلا الأقل منها راجعة إلى هذه الصفة من النقل ، وقد صح الاجماع من الصدر الأول كلهم ، نعم وممن بعدهم على قبول خبر الواحد ، لأنها كلها راجعة إليه وإلى ما كان في معناه ، وهذا برهان ضروري ، وبالله تعالى التوفيق . وبالضرورة نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن إذا أفتى بالفتيا أو إذا حكم بالحكم يجمع لذلك جميع من بالمدينة ، هذا ما لا شك فيه ، لكنه عليه السلام كان يقتصر على من بحضرته ، ويرى أن الحجة بمن يحضره قائما على من غاب ، هذا ما لا يقدر على دفعه ذو حس سليم ، وبالله تعالى التوفيق . قال علي : وأقوى ما شغب به من أنكر قبول خبر الواحد أن نزع بقول الله تعالى : * ( ولا تقف ما ليس لك به علم قال أبو محمد : وهذه الآية حجة لنا عليهم في هذه المسألة ، لأنا لم نقف ما ليس لنا به علم ، بل ما قد صح لنا به العلم ، وقام البرهان على وجوب قبوله ، وصح العلم بلزوم اتباعه والعمل به ، فسقط اعتراضهم بهذه الآية ، والحمد لله رب العالمين . وقال بعضهم : أنتم لا تقبلون الواحد في فلس فكيف تقبلونه في إثبات الشرائع ؟ قال أبو محمد : هذا السؤال لا يلزمنا ، لأننا لا نقيس شريعة على شريعة ، ولا نتعدى ما جاءت به النصوص وثبت في القرآن والسنن ، فصح البرهان كما ذكرنا بقبول خبر الواحد في العبادات والشرائع وقبول القرآن فقلنا به ، وصح الخبر بقبول المرأة الواحدة في أوضاع فقلنا به ، وصح الخبر بقبول الواحد مع اليمين فيما عدا الحدود فقلنا به ، وصح الخبر والنص بقبول الرجلين أو الرجل والمرأتين فيما عدا الزنى فقلنا به ، وصح النص بقبول أربعة في الزنى فقلنا به ، ولم نعارض شريعة بشريعة ولا تعقبنا على ربنا عز وجل ، ونحن وهم نقبل في إباحة الدم الحرام من المسلم الفاضل ، والفرج الحرام من المسلمة الفاضلة ، والبشرة المحرمة في جلد ثمانين في القذف ، وفي قطع اليد والرجل رجلين ، ولا نقبلهما فيما يوجب إلا خمسين جلدة من زنى الأمة ، لا على مؤمنة ولا على كافر ، فأين هم عن هذا الاعتراض الفاسد لو عقلوا وهم يقعوا تحت إنكار ربهم تعالى عليهم إذ يقول : * ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ) * . وقد قال بعض المتحكمين في الدين بقلة الورع ممن يدعي أنه من أهل القول ،
نام کتاب : الاحكام نویسنده : ابن حزم جلد : 1 صفحه : 103