نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 323
لاشتهر ولم ينقل شئ من ذلك في الآثار ، والذي يتحقق بهم الاجماع للدوران للانذار لا ينقطع توهم الكذب عن خبرهم لبقاء احتمال التواطؤ بينهم ، فكان الاستدلال قائما وإن ساعدناهم على هذا التأويل . فإن قيل : عندنا الراجع إلى كل فريق مأمور بالانذار بما سمعه لقومه ، وإن لم يكن عليهم أن يقبلوا ذلك منه ، بل المقصود أن يشتهر ذلك وعند الاشتهار تنتفي تهمة الكذب فتصير حجة حينئذ ، بمنزلة الشاهد الواحد فإنه مأمور بأداء الشهادة ، وإن كان العمل بشهادته لا يجب ما لم يتم العدد بشاهد آخر وتظهر العدالة بالتزكية . قلنا : الشاهد إذا كان وحده فليس عليه أداء الشهادة ، لان ذلك لا ينفع المدعي وربما يضر بالشاهد فلو لم يكن خبر الواحد حجة لوجوب العمل لما وجب الانذار بما سمع ، ثم لما ثبت بالنص أنه مأمور بالانذار ثبت أنه يجب القبول منه ، لأنه في هذا بمنزلة رسول الله ( ص ) فإنه كان مأمورا بالانذار ثم كان قوله ملزما للسامعين ، كيف وقد بين الله تعالى حكم القبول والعمل به في إشارة بقوله : * ( لعلهم يحذرون ) * : أي لكي يحذروا عن الرد والامتناع عن العمل بعد لزوم الحجة إياهم ، كما قال تعالى : * ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره ) * والامر بالحذر لا يكون إلا بعد توجه الحجة . فدل أن خبر الواحد موجب للعمل ، ولان النبي عليه السلام كان مبعوثا إلى الناس كافة ، قال تعالى : * ( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) * وقد بلغ الرسالة بلا خلاف ومعلوم يقينا أنه ما أتى كل أحد فبلغه مشافهة ، ولكنه بلغ قوما بنفسه ، وآخرين برسول أرسل إليهم ، وآخرين بكتاب ، وكتابه إلى ملوك الآفاق مشهور لا يمكن إنكاره ، فلو لم يكن خبر الواحد حجة لما كان مبلغا رسالات ربه بهذا الطريق إلى الناس كافة ، وقد فتحت البلدان النائية على عهده كاليمن والبحرين وهو ما أتاهم بنفسه ولكنه بعث عاملا إلى كل ناحية ليعلمهم الاحكام ، على ما هو سير الملوك اليوم في بعث العمال إلى البلدان لأجل أمور الدنيا ، فلو لم يكن خبر الواحد حجة في أمور الدين لما اكتفى به رسول الله ( ص ) في حق الذين آمنوا وكانوا بالبعد من
324
نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 323