نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 170
حتى كاد المجاز يغلب الحقيقة لكثرة الاستعمال ، وبه اتسع اللسان وحسن مخاطبات الناس بينهم . وحكم الحقيقة وجود ما وضع له أمرا كان أو نهيا خاصا كان أو عاما ، وحكم المجاز وجود ما استعير لأجله كما هو حكم الحقيقة خاصا كان أو عاما . ومن أصحاب الشافعي رحمه الله من قال لا عموم للمجاز ، ولهذا قالوا إن قول رسول الله ( ص ) : لا تبيعوا الطعام بالطعام إلا سواء بسواء لا يعارضه حديث ابن عمر رضي الله عنهما : لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين ، ولا الصاع بالصاعين فإن المراد بالصاع ما يكال به وهو مجاز لا عموم له ، وبالاجماع المطعوم مراد به فيخرج ما سواه من أن يكون مرادا ، ويترجح قوله عليه السلام : لا تبيعوا الطعام بالطعام لأنه حقيقة في موضعه فيثبت الحكم به عاما ، واستدلوا لاثبات هذه القاعدة بأن المصير إلى المجاز لأجل الحاجة والضرورة ، فأما الأصل هو الحقيقة في كل لفظ لأنه موضوع له في الأصل ، ولهذا لا يعارض المجاز الحقيقة بالاتفاق حتى لا يصير اللفظ في المتردد بين الحقيقة والمجاز في حكم المشترك ، وهذه الضرورة ترتفع بدون إثبات حكم العموم للمجاز فكان المجاز في هذا المعنى بمنزلة ما ثبت بطريق الاقتضاء ، فكما لا تثبت هناك صفة العموم لان الضرورة ترتفع بدونه فكذلك ها هنا . ولكنا نقول المجاز أحد نوعي الكلام فيكون بمنزلة نوع آخر في احتمال العموم والخصوص لان العموم للحقيقة ليس باعتبار معنى الحقيقة بل باعتبار دليل آخر دل عليه ، فإن قولنا رجل اسم لخاص فإذا قرن به الألف واللام وليس هناك معهود ينصرف إليه بعينه كان للجنس فيكون عاما بهذا الدليل ، وكذا كل نكرة إذا قرن بها الألف واللام فيما لا معهود فيه يكون عاما بهذا الدليل وقد وجد هذا الدليل في المجاز ، والمحل الذي استعمل فيه المجاز قابل للعموم فتثبت به صفة العموم بدليله كما ثبت في الحقيقة ، ولهذا جعلنا قوله : ( ولا الصاع بالصاعين ) عاما ، لان الصاع نكرة قرن بها الألف واللام ، وما يحويه الصاع محل لصفة العموم ، وهذا
171
نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 170