نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 136
لمراده لفظ موضوع لغة وذلك صيغة العموم ، فإن من أراد عتق جميع عبيده فإنما يتمكن من تحصيل هذا المقصود بقوله عبيدي أحرار ، وهذا لفظ عام ، فمن جعل موجبه الوقف فإنه يشق على المتكلم بأن يحصل مقصوده في العموم باستعمال صيغته ، وما قالوا إنه قد استعمل العام بمعنى الخاص ، قلنا ويستعمل أيضا بمعنى الإحاطة على وجه لا يحتمل غيره ، قال تعالى : * ( إن الله بكل شئ عليم ) * وقال تعالى : * ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) * وقال تعالى : * ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ) * فهذا الاستعمال يمنعهم عن القول بالتوقف في موجب العموم . ثم العموم بهذه الصيغة حقيقة واحتمال إرادة المجاز لا يخرج الحقيقة من أن تكون موجب مطلق الكلام ، ألا ترى أن بعد تعين الإحاطة فيه بقوله تعالى أجمعون أو كلهم لا ينتفي هذا الاحتمال من كل وجه حتى يستقيم أن يقرن به الاستثناء ، قال تعالى : * ( فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس ) * ويقول الرجل : جاءني القوم كلهم أجمعون إلا فلانا وفلانا . ثم هذا لا يمنع القول بأن موجبه الإحاطة فيما تناوله فكذلك في مطلق اللفظ ، مع أنا لا نقول إن ما يقرن به يكون تفسيرا ، ولكن نقول وإن كان موجبه العموم قطعا فهو غير محكم لاحتمال إرادة الخصوص فيه فيصير بما يقرن به محكما إذا أطلق ذلك كما في قوله : جاءني القوم كلهم ، فإنه لا ينفي احتمال الخصوص بعد هذا إذا لم يقرن به استثناء يكون مغيرا له ، ومثله في الخاص موجود فإن قوله جاءني فلان خاص موجب لما تناوله ولكنه غير محكم فيه لاحتمال المجاز ، فإذا قال جاءني فلان نفسه يصير محكما وينتفي احتمال المجاز في أن الذي جاءه رسوله أو عبده أو كتابه . ثم قال الشافعي رحمه الله : أجعل مطلق العام موجبا للعمل فيما تناوله ولكن احتمال الخصوص فيه قائم ومع الاحتمال لا يصير مقطوعا به فلا أجعله موجبا للعمل فيما تناوله قطعا . ولكنا نقول : المراد بمطلق الكلام ما هو الحقيقة فيه والحقيقة ما كانت الصيغة موضوعة له لغة ، وهذه الصيغة موضوعة لمقصود العموم فكانت حقيقة فيها ، وحقيقة الشئ ثابت بثبوته قطعا ما لم يقم الدليل على مجازه كما في لفظ الخاص ، فإن ما هو حقيقة فيه يكون ثابتا به قطعا حتى يقوم الدليل على صرفه إلى المجاز .
137
نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 136