نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 295
ما اتفقوا عليه ، وقد قررنا هذا في الخبر المتواتر ، ومن أنكر كون الاجماع حجة موجبة للعلم فقد أبطل أصل الدين فإن مدار أصول الدين ومرجع المسلمين إلى إجماعهم فالمنكر لذلك يسعى في هدم أصل الدين . وسنقرر هذا في آخر الفصل . ثم الدليل على أن الاجماع من هذه الأمة حجة موجبة شرعا ، وأنهم إذا اجتمعوا على شئ فالحق فيما اجتمعوا عليه قطعا ، وإذا اختلفوا في شئ فالحق لا يعدوهم أصلا الكتاب والسنة . أما الكتاب فقوله تعالى : * ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) * وكلمة خير بمعنى أفعل فيدل على النهاية في الخيرية وذلك دليل ظاهر على أن النهاية في الخيرية فيما يجتمعون عليه ، ثم فسر ذلك بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وإنما جعلهم خير أمة بهذا ، والمعروف المطلق ما هو حق عند الله تعالى ، فأما ما يؤدي إليه اجتهاد المجتهدين فإنه غير معروف مطلقا ، إذ المجتهد يخطئ ويصيب ولكنه معروف في حقه على معنى أنه يلزمه العمل به ما لم يتبين خطؤه ، ففي هذا بيان أن المعروف المطلق ما يجتمعون عليه . فإن قيل : هذا يقتضي كون كل واحد منهم آمرا بالمعروف كما ذكرنا في موجب الجمع المضاف إلى جماعة وبالاجماع اجتهاد كل واحد منهم بانفراده لا يكون موجبا للعلم قطعا . قلنا : لا بل المراد هنا أن جميع الأمة أو أكثرهم بهذه الصفة ، ونظيره قوله تعالى : * ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك ) * . * ( وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها ) * وكان ذلك من بعضهم . ويقال في بذلة الكلام : بنو هاشم حكماء ، وأهل الكوفة فقهاء ، وإنما يراد بعضهم ، فيتبين بهذا التحقيق أن المراد بيان أن الأكثر من هذه الأمة إذا اجتمعوا على شئ فهو المعروف مطلقا ، وأنهم إذا اختلفوا في شئ فالمعروف المطلق لا يعدو أقوالهم ، وقال تعالى : * ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين ) * الآية ، فقد جعل الله اتباع غير سبيل المؤمنين بمنزلة مشاقة الرسول في استيجاب النار . ثم قول الرسول موجب للعلم قطعا فكذلك ما اجتمع عليه المؤمنون ، ولا يجوز أن يقال المراد اجتماع الخصلتين لان في ذكرهما دليلا على أن تأثير أحدهما كتأثير الآخر ، بمنزلة قوله تعالى : * ( والذين لا يدعون مع الله
296
نام کتاب : أصول السرخسي نویسنده : السرخسي جلد : 1 صفحه : 295