وعلى هذا النمط البديع جرى في كثير [1] من أبيات القصيدة قال قائلها ، وليقل من شاء ما شاء إني لعمر الفضل قد أردت من هذه القوافي الثلاثة معاني ستة من كل واحدة اثنين ، وفي هذا كفاية لمن تأمّل وأنصف إن كان ذا ذهن سليم ، ولم تأخذه سورة العصبيّة للرأي القديم . وعلى ذكر التورية ، فلا بأس بالإشارة إلى نكتة مهمّة - وإن كانت خارجة عن المقصود - وهي أنّ التورية بقسميها وإيهامها لا تختص موردها بلفظ واحد له معنيان ، كما في كلام كثير من علماء الفنّ ، بل تأتي في كل كلام يمكن انصرافه إلى وجهين وأكثر سواء كان لاشتراك لفظ من ألفاظه أو لتردّده بين لفظ لفظين [2] ، كقول القائل من أهل العصر [3] - كان اللَّه له - في موشحة بديعيّة في وصف الخدّ ، من بحر المجتثّ : . . . عن دم قلبي تخضّب [4] فصح لو قيل عن دم أو لاحتمال رجوع الضمير إلى أكثر من واحد ، كقوله فيها أيضا : فقسه بالبدر إن تمّ . إذ الضمير في ( تمّ ) يحتمل رجوعه إلى القياس ، وإلى البدر ، أي : إن تمّ القياس ، أو إن تمّ البدر .
[1] كقوله - طاب ثراه - في تلك القصيدة : لدولة الحسن نحن جند وأنت سلطانها المظفّر لأنّ المراد من المظفّر ، المعنى الفعلي وهو المظفّر والمنصور على الأعداء ، والمعنى اللقبي ، إذ هو لقب سلطان ذلك الوقت ( مظفر الدين شاه القاجاري ) . ( مجد الدين ) . [2] كالبيت [ الآتي ] فإن الكلمة الأخيرة منها مركّب من لفظين ، أعني الجار والمجرور ، أو لفظ واحد على اختلاف المعنيين . ( مجد الدين ) . [3] المصنف نفسه - طاب ثراه - ( مجد الدين ) . [4] وقبله : خد زهي باحمرار . راجع ديوانه المطبوع ص 128 .