أقصر زمان يقع بالالتفات الإجمالي . وإن شئت قلت : لا يلتفت إلى التفاته . وقاصد بلد بعيد ملتفت طول مسيره إجمالا إلى مقصده ، وإلاّ لم يقع منه السير وإلاّ جمد في مكانه ، مع أنّ أكثر السير لا يقع بالتفات تفصيلي ، بل التفاته التفصيليّ متوجّه إلى أمور اخر من ارتياد المنزل والحلّ والارتحال . وأمّا قوله : « إلاّ أن يكون اللحاظ أحول العينين » فقد قلت في الرسالة : إنّه يكفي أن لا يكون ذا عين واحدة وإذا كان ذا عينين يستعمل العين في معنيين [1] . ثم إنّ للكناية قسطا من شطح الاتّحاد مع المعنى وكونها نحو وجود له فهل يحجر على الكاتب كما يحجر على اللافظ ، فلا يكتب : نظرت إلى عينين : ساطعة ودامعة ، أم ينزعون عنها لباس الهوهوية أو الفنائية على تعبير بعض محشّي ( الكفاية ) فتبقى علامة خالصة ؟ . وللبحث بعد مجال متّسع ، وأرى أن لا أملّ القرّاء الكرام بأكثر من هذا ، واكتفي بما بيّنته في رسالة الوضع والاستعمال . والَّذي دعاني إلى تجديد القول أنّ عالم العصر وعلاّمة الزمان والعلم المشار إليه في العلمين وغيرهما بالبنان ، الراقي مدارج العلم أعلى المراقي ، صاحبي الشيخ ضياء الدين العراقي - دام فضله - شرّفني بنقل مقالتي في كتاب ( المقالات ) وقال ما نصّه : « ثم إنّ بعض أعاظم العصر بالغ في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، واستشهد بأبيات وعبارات من القصص والحكايات على مدّعاه وذلك ليس إلاّ من جهة خلط المبحث بجعل محطَّه صورة وحدة لحاظ المتعدّدات ، أو بجعله الاستعمال من باب العلامة ، وإلاّ فمع تنقيح مركز البحث كيف يغفل