نقلنا من كلامه ومما حذفناه ، وكيف يتوهّم الملازمة بينهما مع أنّ النسبة عموم من وجه يفترقان ويجتمعان ؟ حتى أنّه يجتمع مع القطع بعدم الحجية فضلا عن الظن به أو الشك فيه . وما سبب الخطأ في هذا القياس الَّذي ساقوه سياق البرهان - أعني أنّ الظن بكلّ من الأمرين يقوم مقام العلم به - إلاّ الغفلة عن أنّ الواجب بحكم العقل القطع بالحجّة ، وبعد عدم إمكانه ينتقل إلى الظن بها فقط ، ولم يكن القطع بالواقع كافيا لخصوصية فيه ، بل لكونه حجّة شرعية عقلية ، كما أوضحه - طاب ثراه - في مواضع من كلامه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون مؤدّى الطريق شيئا مستقلاّ في مقابل المراد الواقعي ، وبين أن يكون نفس المراد بجعل الشارع ، كما اختاره هنا ، وأطنب في بيانه ، وبالغ في رد الاحتمال الأول . ولا أدري ما الَّذي دعا الشيخ إلى الإطالة في بيانه وجعله أساس اعتراضاته ؟ وقد عرفت أنّ العلاّمة المستدل يوافقه في أنّ الحكم الظاهري هو الواقعي جعلا ، وقد مرّ نقل كلامه قريبا ، فكان يغني عن هذا التطويل التزامه باعترافه إن فرض له نفع فيه . كما أنّه لم يظهر لنا وجه الحاجة في أنّ الامتثال لا يكون إلاّ بالعلم أو بالظن القائم مقامه ، مع أنّه أمر واضح لا يخفى على أصاغر الطلبة ، فضلا عن إمام مثله ، وقد صرّح به في مواضع من كلامه ، وبنى عليه وجوب الاقتصار على الظن بالطريق ، لكون الظنّ به قائما مقام العلم في الحجّية بحكم العقل ، فعلى م تحمّل عبء إثبات أمرين واضحين لا نفع له فيه ويعترف مناظره به . والأجدر بي أن أعود باللائمة على نفسي ، وأتّهمها في فهم كلام مثله ، ولا عار إن قصرت باعي عن كلام إمام يأتم به صفوف العلماء ، وإنّما العار في عجز الأكفاء عن الأكفاء . وأمّا ما جعله منشأ لكلام الجد من تخيّل أنّ نفس سلوك الطريق الشرعي