من أركان كلام الجدّ يهدّ به . وكذا ما أتعب فيه نفسه المقدّسة من التطويل في بيان أنّ أداء كلّ من الواقعين الأصلي والجعلي لا يكون امتثالا إلاّ بالعلم ، وأنّ الإتيان بكلّ منهما في غير التعبّديات مسقط للأمرين من دون امتثال [1] ، ولا لما بيّنه من أنّ الإطاعة الظاهرية تتوقف على العلم بسلوك الطريق المجعول لا على مجرّد سلوكه ، وأنّ العلم بالفراغ المعتبر في الإطاعة لا يتحقق في شيء منهما إلاّ بعد العلم أو الظن القائم مقامه ( 2 ) . ولا جعل نتيجة ذلك قوله : « فالحكم بأنّ الظن بسلوك الطريق المجعول يوجب الظن بفراغ الذّمّة بخلاف الظن بأداء الواقع ، فإنّه لا يوجب الظن بفراغ الذّمّة إلاّ إذا ثبتت حجية ذلك . . . تحكّم صرف » ( 3 ) . وأنت تعلم أنّ هذا العلاّمة لم يفرّق بين الظنّين بما قرّره الشيخ ليكون الفرق تحكّما صرفا ، بل فرّق بينهما بأنّ الظن بالطريق المخصوص ظنّ بالحجّة التي يدور عليها براءة الذّمّة ، وفعليّة الحكم دون الظن بالواقع الَّذي ليس من الأمرين في شيء . وليس في كلامه أثر من ابتناء مذهبه على ما ذكره ، بل صريحه - إن تأمّلته - الفرق بينهما بما عرفت من كون الظن بالطريق ظنا بالحجّة دون الواقع . وبالجملة ، جميع ما ذكره - طاب ثراه - إلى قوله : « ولو عجز عنهما قام الظن بهما مقام العلم بحكم العقل » ( 4 ) فهو حق لا نقابله إلاّ بالقبول . وأمّا هذه الجملة فنقبلها أيضا ، بناء على مقدّمات الانسداد والقول بالظن
[1] فرائد الأصول : 136 . ( 2 و 3 و 4 ) فرائد الأصول : 137 .