مثل هذا الخبر في غاية القلَّة ، خصوصا إذا انضمّ إليه إفادة الظن الفعلي » [1] . أقول : مبنى هذا الدليل على دعوى القطع بأنّا مكلَّفون فعلا بالعمل بالتكاليف الشرعية الواقعية المدلول عليها بالحجج الشرعيّة ، كما صرّح به ، وستعرف بيانه عند شرح قوله : ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد [2] . فإن صح منه هذا الدعوى فلا يرد عليه عدم معلوميّة بقاء الطرق ، ولا شطر من سائر الإيرادات الموردة عليه ، وإلاّ فالأجدر السؤال عن مستند هذا القطع إن كان القاطع يسأل عنه ، أو منع هذا القطع والاكتفاء به عن هذا التطويل . ثم أقول : سرعان ما نسي قلم الشيخ ما زبره في أول الدليل الأول من الأدلَّة العقلية على حجّية الخبر وهو : لا شك للمتتبع في أحوال الرّواة - المذكورة في تراجمهم - في أنّ أكثر الأخبار ، بل جلَّها إلاّ ما شذّ وندر صادرة عن الأئمة عليهم السلام [3][4] .
[1] فرائد الأصول : 131 . [2] الفصول الغروية : 277 . [3] فرائد الأصول : 102 . [4] إذ الوجدان يحكم بأنه كلَّما كثرت أطراف الشبهة ضعف الاحتمال في كلّ واحد واحد من الأطراف ، فراجع نفسك فيما تستقذرها أو تحذرها إذا كان القذر أو المحذور بين إناءين ، ثم فيما كان بين عشرة فبين ألف فبين مائة ألف ، تجدها يحتمل وجوده في كلّ من الإناءين احتمالا متساويا ، ويضعف في كلّ منها في المراتب المتتالية حتى ينتهي إلى الاطمئنان بالعدم فيه إذا انتهت إلى المرتبة الأخيرة ، وهذا معنى : إن صعب إثباته بالبرهان سهله الوجدان ، وهذا من أحسن الوجوه في مسألة الفرق بين الشبهة المحصورة وغير المحصورة . ولعلّ قوله عليه السلام : « أمن أجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم جميع ما في الأرض ؟ » [ المحاسن : 495 - 597 ] ليس بحكم تعبّدي ، بل هو إرجاع للسائل إلى حكم فطرته ووجدانه على ما هو الغالب في الاستفهامات الواردة في موارد كثيرة من الكتاب والسنّة . ( منه ) .