« وظهر ممّا ذكرنا اندفاع ما يقال من أنّ منع نصب الطريق لا يجامع القول ببقاء الأحكام الواقعيّة ، إذ بقاء التكليف من دون نصب طريق إليها ظاهر البطلان » . « توضيح الاندفاع : أنّ التكليف إنّما يقبح مع عدم ثبوت الطريق رأسا ولو بحكم العقل الحاكم بالعمل بالظنّ مع عدم الطريق الخاصّ [ أو مع ثبوته وعدم رضاء الشارع بسلوكه ، وإلاّ فلا يقبح التكليف مع عدم الطريق الخاصّ ] [1] وحكم العقل بمطلق الظنّ ورضاء الشارع به ، ولهذا اعترف [ هذا ] [2] المستدلّ بأنّ الشارع لم يجعل [3] طريقا خاصّا يرجع إليه عند انسداد باب العلم في تعيين الطرق الشرعية مع بقاء التكليف بها » [4] . أقول : لما ذا تراه عدل عن العبارة المتداولة في أمثال المقام - أعني المنع - إلى إمكان المنع ، أمّا أنا فأرى أنه - قدس سره - علم أنّ من الواضح الَّذي لا يرتاب فيه وجود الطريق المنصوب ، فمنعه ورعه ، وتحرّجه عن منع يعلم خلافه إلى دعوى إمكانه ، والإمكان باب واسع لا يغلق إلاّ على شريك الباري ونحوه ، وصاحب الفصول لا يدّعي الوجوب العقلي حتى ينافيه الإمكان ، بل يدّعي القطع بوجود الطريق وهو - طاب ثراه - يعلم أنّه صادق في دعواه ، وكلامه شاهد له ، فراجع ما ذكره من الإجماع ، والسيرة ، وتواتر الأخبار على حجّية خبر الواحد في الجملة [5] . وليس بمنفرد في دعواه ، إذ يشاركه فيها عيون الطائفة الحقّة ، ووجوهها
[1] ما بين المعقوفين من المصدر . [2] الزيادة من المصدر . [3] في المصدر : لم ينصب . [4] فرائد الأصول : 129 - 130 . [5] الفصول الغروية : 272 - 277 .