ومن العجيب أنّ العلاّمة - الجدّ - استدلّ على مطلب واحد - وهو حجّية الظنّ الخاصّ - بالوجوه الثمانية أو السبعة [1] ، ولكن قلم الشيخ - طاب ثراه - شتّت شملها ، وفرّق بينها ، وجعل السادس منها دليلا على الظنّ الخاصّ ، وذكره في سياق الأدلَّة العقلية الدالَّة على حجّية خصوص الخبر الواحد [2] ، وجعل الوجه الأول نتيجة للدليل على الظنّ المطلق [3] ، وأشار إلى الثاني منها ، ولم يتعرّض لسائرها . وقد ظهر للمنصف المتأمّل فيما قلناه أنّ الكلامين الذين نقلتهما عن هذين الإمامين دليلان مستقلاّن على حجّية الخبر الواحد ونحوه ، قد نسفا بهما صرح الظنّ المطلق ، وهدما بهما أساس دليل الانسداد ومبناه ، لا أنّهما بيّنا مفاده ومقتضاه . وأراني لو وقفت بالقلم على هذا الحدّ لكان كافيا للدفاع عن الإمامين - العمّ والجدّ - ولكن حيث إنّهما أوردا الأفهام الصافية شرعة الحق ، وحجرا عليها ورد شريعة الظنّ المطلق لزمنا التأسّي بهما ، والجواب عمّا اعترض به عليهما ، ليعلم أنه : إذا وردنا آجنا جهرناه ولا يطاق ورد ما منعناه ونقدّم كلام العلاّمة - العمّ - تأسّيا بالشيخ الأعظم ، وليكون كالمدخل إلى فهم كلام العلاّمة - الجدّ - فنقول : قال صاحب الفصول في تقرير دليل الانسداد على الوجه المعتمد عليه عنده ، ما لفظه : « إنّا كما نقطع بأنّا مكلَّفون في زماننا هذا تكليفا فعليا بأحكام فرعية كثيرة