المفهوم بقوله تعالى : واستشهدوا شهيدين من رجالكم [1] مقرّرا ذلك بأنّ تأثير الشرط إنما هو تعليق الحكم به ، وليس يمنع أن يخلفه وينوب عنه شرط آخر يجري مجراه ، ولا يخرج عن كونه شرطا [2] . وبالجملة ، إن ثبت مفهوم للشرط فليس لوضع ( إن ) وسائر حروف الشرط لذلك ، بل يثبت من التعليق الَّذي دلَّت أداته عليه ، فالأدوات تدلّ على التعليق ، والتعليق يدلّ على المفهوم ، ولا يختصّ فهم التعليق بها ، بل يفهم بأيّ لفظ ، وبأي دليل ثبت يجري فيه النزاع . ولذا يجري في الظروف المبنيّة والأسماء المتضمّنة لمعنى الشرط نحو : ( متى ) و ( كلَّما ) وفي لفظ الشرط وما اشتقّ منه ، كقولك : الشرط في إكرام ( زيد ) مجيئه ، أو مشروط إكرامه به ، وفيما ثبت من جهة قيام شاهد عليه ، كما في قولك : الَّذي يزورني فله درهم - راجع الهداية [3] - بل يثبت حيث لا لفظ كما في إشارة الأخرس . إذا تقرّر ذلك ، نقول : إنه لا شك في ظهور التعليق في اختصاص الحكم إذا لم توجد نكتة صالحة لدفع اللغو والقبح عن كلام المتكلَّم ، ولم يقم [ دليل ] قاطع ينافي الظاهر إذ التخصيص بالشرط لا بد له من باعث صالح يدعو إليه . ألا ترى أنه من القبيح السمج : اقتل ولدي إن شرب الماء أو تنفس
[1] البقرة : 282 . [2] الذريعة إلى أصول الشريعة ، القسم الأول : 406 . [3] هداية المسترشدين : 287 .