لأنا نقول : إنّ اختلاف الماهيّة بالقيد لا يعقل إلاّ أن يكون ذلك القيد من لواحقه ، وإلاّ فكيف تختلف تلك الماهيّة بطريان القيد ، وهو ظاهر . وقد صرّح أيضا في باب الأوامر أنّ إطلاق الأمر ممّا يمكن التمسك به عند الشك في التعبديّة ، فراجعه . وثانيا : لو أغمضنا عن ذلك ، وقلنا بأنه يصحّ أن تكون القربة قيدا للمأمور به ، فنقول : ما أفاده فاسد أيضا ، حيث إنّ المحذور في التقرّب بترك ما فعله ممّا يتقرّب به ، فإنه هو التناقض اللازم في المقام ، ومن الواضح أنّ اتّصاف طرفي النقيض بالتقرب أمر محال . نعم يصح ذلك في القيود التي تكون من قبيل إجابة المؤمن ، فالصوم من حيث كونه صوما مستحب فعله ، وتركه من حيث إنه إجابة للمؤمن يمكن أن يكون مستحبا ، فالتقرب به ليس تقرّبا بترك الصوم ، بل بعنوان الإجابة المتحدة مع الترك ، وبذلك يظهر بطلان المقايسة المذكورة » [1] . هذا الملخّص لا يطابق ما لخصه منه تمام المطابقة ، ولو كان بالنقص لهان أمره ، ولكن زاد فيه قوله : « على وجه يكون القيد داخلا في المطلوب » وهذه الزيادة زادت الإشكال قوّة على ضعفه بعد . ولو لا كلال الخاطر وخشية سأم الناظر ، لنقلت عبارة الفصول بتمامها ، ونبّهتك على مواضع الاختلاف بينها وبين هذا الملخّص ، وأنا أبتني عليه ، وأقول : إنه وإن عبّر في أول كلامه بلفظ القيد ، ولكن قد ذكرنا في بحث المقدّمة الموصلة أنّ صاحب الفصول كثيرا ما يطلق مادّة القيد وما يشتق منها ، ولا يريد به المعنى المصطلح ، بل يريد مطلق اعتبار الشيء ومدخليّته بأيّ نحو كان من