لانحل إعضال المسألة من أصلها ، ولم يبق احتياج إلى قاعدة الامتناع وغيرها ، فهل الموجب لتحيّر الأفكار واختلاف الأنظار إلاّ الجمع بين وجوب الردّ وحرمة الغصب ؟ وليست بقاعدة أخرى كما ذكره دام فضله . ثم إنّ توسط الأرض المغصوبة - كما عرفت أول المسألة - إنّما ذكر من باب المثال ، وإلاّ فمن جزئياتها مسائل كثيرة لا تصلح بهذه القاعدة كالخروج عن مواضع التهمة ومواقع الهلكة وغير ذلك . اللَّهم رحماك ، فهل في نزع السهم من صدر المؤمن والآلة من عضو المومسة [1] أمانة تردّ ؟ فهب - أصلحك اللَّه وأصلحنا - بوجوب ردّ المغصوب في المثال وأمثاله . فما تصنع بسائر الموارد ؟ أترى أن تخترع لكلّ قاعدة ؟ إذن يطول العناء ، واللَّه المستعان . واعلم أنّ التخلَّص عن إشكال التخلَّص عن الغصب أسهل من سائر الموارد لأنّ نهي الشارع تابع لعدم رضا المالك ، ولا شك في عدم بقائه في زمن الخروج ، بل انقلابه إلى إرادته ، ويتبعه الحكم الشرعي لا محالة ، وهذا بخلاف الخروج ، عن مواقع الهلكة والتهمة ونحوهما . ثمّ إنّ من المكرّر في كلام هذا العالم وكلام غيره ، تحديد زمان الخروج بمقدار زمان الدخول ، ولعلَّه محمول على الغالب ، وإلاّ فالمناط أقلّ زمان يمكن الخروج فيه ، مساويا كان أو أقل أو أكثر كما لو سدّ الطريق القريب الَّذي دخل منه ، أو وجد بعد الدخول طريقا أقرب . ولقد أحسن صاحب الفصول التعبير عنه في عبارته الآتية ، فقال : « الزمن الَّذي لا يتمكن من الخروج فيما دونه » [2] . بل ليس المناط الزمان مطلقا ، وقد تكون السرعة والبطء تختلفان في نظر
[1] امرأة مؤسس ومومسة فاجرة جهرا . لسان العرب 6 : 224 . [2] الفصول الغروية : 138 .