الاشتغال بالضدّ ومحبوبيّة تركه إن أتى بالأهمّ ، والعقاب على تركه فلا تجدي الحيلة الأولى ، والثانية مثلها ، أو أقل جدوى لذلك بعينه منها . هذا وينبغي التأمّل في وجه ما ذكره من أنّ إتيان المهمّ يذهب ببعض ما استحقّه من العقوبة على ترك الأهم ، فهل ذلك لخصوصية يراها في المقام ، أم هو بناء منه على مسألة تكفير مطلق المعاصي بمطلق الطاعات ، أو الموازنة بينهما ، كما هو ظاهر كلامه في حاشية رسالة البراءة ، قال : « يستحق بذلك مقدارا من الثواب فيقابل مقدارا ممّا استحقّه من العقاب » [1] . فإن كانت الأولى فهي لا تناسب إلاّ المتزاحمين المشتركين في المصلحة ، وأكثر موارد المسألة ليست من هذا القبيل كالمثال المشهور ، وأين مصلحة الصلاة من مصلحة الإزالة الراجعة إلى المفسدة في بقاء النجاسة في المسجد ؟ وإن كان الثاني فجميع العبادات تشارك الضدّ في قابلية التكفير ولو لم تكن مزاحمة للأهمّ كتلاوة القرآن ونحوها . عاد كلامه : « ثم إنه لا أظنّ أن يلتزم القائل بالترتّب بما هو لازمه من الاستحقاق في صورة مخالفة الأمرين لعقوبتين ، ضرورة [2] قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد ، ولذا كان سيدنا الأستاذ - قدس سرّه - لا يلتزم به على ما هو ببالي ، وكنّا نورد به على الترتّب وكان بصدد تصحيحه » [3] . أقول : الأمر بكل من الضدّين عند القائل بالترتب أمر مولويّ فعلي ، ومن شأن هذا الأمر استحقاق العقاب على عصيانه عقلا ، كما من شأنه الثواب
[1] حاشية فرائد الأصول للآخوند الخراساني ( رحمه الله ) : 167 . [2] أي بداهة . ( مجد الدين ) . [3] كفاية الأصول : 135 - 136 .