هذا ، على أنّ اللازم من ذلك جواز الوضوء قبل الوقت بنيّة الوجوب لمن علم بقاء قدرته إلى بعد الوقت مع أنهم لا يقولون به . وقد أجابوا عنه بأنّ الواجب إقدام المكلَّف بقدرته الموجودة في الوقت ، إذ المصلحة مختصة بالقادر بالوقت ، فتأمّل فيه فعسى أن يظهر لك المراد منه . وأمّا على التعليق ، فظاهر أنّ وجوب المقدمات قبل الوقت تابع لوجود الدليل عليه ، فإن وجد فذاك ، وإلاّ فالأصل البراءة عن ذلك الواجب النفسيّ ، كما أنه تابع له في مقدار الزمان الَّذي يجب قبله وفي سائر الخصوصيات ، لأنه في الحقيقة من قبيل التوسعة والتضييق في الواجب النفسيّ ، وهو راجع إلى الشرع لا العقل حتى لا يقبل التخصيص . هذا ، وقد أورد على الواجب المعلَّق إشكالان آخران : أوّلهما : أنّ الواجب المعلَّق لا بدّ من رجوعه إلى المشروط ، لاشتراطه بالوقت المستقبل ، فلا تجب مقدّمته ، وقد مرّ الجواب فيه في كلام صاحب الفصول من أنّ الشرط ليس الوقت ، بل الاعتبار المنتزع منه كالتعقيب ، ويأتي له مزيد توضيح عند بيان الشرط المتأخّر ، ويأتيك قريبا أنّ الوقت ظرف للفعل لا شرط له . نعم هذا الإشكال ممّا لا مخلص عنه لمن جعل المقام من الواجب المشروط إلاّ بإنكار الواضح من تبعيّة وجوب المقدّمة . ثانيهما : أنّ الطلب والإيجاب إنما يكون بإزاء الإرادة المحرّكة نحو المراد فكما لا تنفك الإرادة عن المراد لا ينفك الإيجاب عن متعلَّقة ، فكيف يتعلَّق بأمر مستقبل . وقد كفانا صاحب الكفاية مئونة الجواب ، فقال : « إنّ الإرادة تتعلَّق بأمر متأخّر استقبالي كما تتعلَّق بأمر حالي ، وهو أوضح من أن يخفى على عاقل ، فضلا عن فاضل ، ضرورة أنّ تحمّل المشاق في تحصيل المقدمات فيما إذا كانت المقصود