والأغراض المترتبة الكثيرة غير عزيزة ، فالإنسان يريد الدراهم لشراء الأرض ، وشراء الأرض للزرع ، والزرع للثمر ، فإذا فرض عدم ترتب الثمر ، انتفت الثمرة من جميع تلك المقدّمات ، وتوجد جميعا بوجودها . ويوضّح ما قلناه ملاحظة الواجبات النفسيّة ، فإنّ الغرض قد يتعلَّق بالمركّب من عدّة أجزاء ، ويسري ذلك الغرض إلى كلّ جزء جزء في حال الانضمام ، ويختلف الغرضان ، إذ الغرض من الجزء حصول الكل ، ومن الكل الفائدة المترتبة عليه ، والأول تابع للثاني بمعنى لغويّته ، وعدم تعلَّق الأمر به لو لا الغرض الأول ، بل ربّما يكون مبغوضا في لحاظ الانفراد كما يظهر من ملاحظة المعاجين المركّبة من الأجزاء السمّية والدرياقية [1] . ولا فرق بين الواجبات النفسيّة والغيريّة من هذه الجهة إلاّ اختلاف نوع الفائدة ، وهو غير فارق في المقام . ومع انتفاء الغرض ينتفي الأمر قطعا انتفاء المعلول بانتفاء علته ، وقد تنبّه لذلك مقرّر الشيخ - طاب ثراه - فقال ما نصّه : « فإن قلت : مراده [2] من شرط الوجود ما هو شرط لوجود الواجب على صفة الوجوب ، كما يظهر ذلك بملاحظة وجود الأجزاء الواجبة في الصلاة ، فإنّ شرط وجود الجزء على وجه الوجوب لحوق الأجزاء الأخر به ، فكما انّ ( الحمد ) لا يجزي عمّا هو الواجب منه ما لم تلحقه الأجزاء اللاحقة ، فكذلك المقدّمة لا تقع على صفة الوجوب ما لم يترتب عليها الغير ، فهو شرط لوقوعها على هذه الصفة ، لا شرط لوجودها حتى يدور ، ولا لوجوبها حتى يكون متضح الفساد . قلت : نعم ينبغي حمل كلامه [3] عليه » .
[1] أي الترياق . ( مجد الدين ) [2] أي مراد صاحب الفصول . ( مجد الدين ) [3] أي كلام صاحب الفصول على المذكور . ( مجد الدين )