الماء من عينه ، فخرق طبقات بصره وغادره [1] يقاسي أمضّ الأوجاع على فراشه ، ثم عصى ولم يخرج ماء عينه فهل يشك المنصف الَّذي ليفسد وجدانه بمزاولة الشبهات ، أنّ للآمر أن يعاقبه على ما أورد عليه من الحرج والألم في أعزّ أعضائه [2] قائلا : إذا لم تمتثل أمري فلما ذا خرقت بصري ، وأطلت ألمي وسهري ورميتني بالمقعد المقيم [3] ، وتركتني أتململ على الفراش تململ السليم [4] ، فهل ترى للعبد أن يدفع عن نفسه العقوبة ، بل يطلب منه - كما هو مذهب جماعة - على فعله المثوبة قائلا : إني قد أدّيت الواجب وفعلت ما فعلت بإرادتك وأمرك فهب إنّ لي معصية واحدة ، فلي عليك ضروب من الإحسان حيث أخرجت مطلوبك الممتنع من عدّة جهات إلى الإمكان ؟ وقد عرفت - سابقا - أنّ السيد الأستاذ كان يتخلَّص عن هذه الأمثلة بمدخلية القصد ، ويلتزم بعدم الأمر بالمقدمة إلاّ مع القصد . ويردّه مضافا إلى ما عرّفناك به سابقا ، أنّ الوجدان شاهد بصحة العقاب على المقدّمات المبغوضة ذاتا حتى لو كان عازما على الإطاعة وقت الإتيان ، ويرى له بعده العصيان ، فراجع وجدانك وأنصف . وغيره [5] من مشايخنا [6] كان يلتزم بأشدّية العقاب على ترك الواجب الأصلي فيعود إليه السؤال عن سبب أشدّيته ، وكيف يكون الإتيان بواجبات
[1] غادره : تركه وبقّاه ، ومثلها في المعنى أغدره . ( مجد الدين ) . [2] العين . ( مجد الدين ) [3] هو الألم الَّذي يقوم الإنسان ويقعد من شدّته . ( منه ره ) . [4] السليم : اللَّديغ ، وبالفارسية : ( ما مار گزيده ) وهو بهذا المعنى مراد في هذا المقام ، ويحتمل أن يكون المراد الجزع الَّذي أشفى على المهلكة . ( مجد الدين ) [5] منصوب لكونه معطوفا على السيد الأستاذ . ( مجد الدين ) [6] صاحب الكفاية طاب ثراه ( مجد الدين )