بصور أوامر عديدة ليس إلاّ أمرا بشيء واحد هو الشراء ، فليس في الذهن إذن إلاّ طلب واحد ، إن لوحظ نسبته إلى ذات الشيء كان طلبا لنفسه ، أو إلى مقدّماته كان طلبا لغيره ، وسيأتي توضيحه ، ولا أخالك تحتاج إلى زيادة توضيح بعد هذا البيان في بحث مقدمة الموصلة . ومن العجب أنّ هذا المقرّر قد ذكر في بيان الدليل على وجوب المقدمة ، ما فيه جنوح [1] إلى هذا الوجه الَّذي زيّفه ، بل قول به على أظهر الوجوه في كلامه . هذا ، وأما ما أورد عليه من أنّ الطلب الواحد لا يتعلَّق بمطلوبين ، إلى آخره . ففيه أنه ليس من الباب الَّذي توهّمه ، بل هو من باب نسبة الشيء الواحد إلى شيئين ، والاختلاف فيه بحسب اختلاف طرف النسبة ، وهذا أمر غير عزيز [2] ، فمن ضرب عمراً بأمر زيد ، فهناك فعل واحد نسب إلى الفاعل مباشرة ، وإلى زيد تسبّبا ، ومثله ما لو قيل : احترام الملك في احترام خادمه ، فما هو إلاّ احترام واحد نسب إلى الخادم ، ويكون احتراما له بالحمل الشائع ، ولكنه تبعي ناشئ عن إرادة احترام الملك . وأمّا الاحتمال الثالث [3] ، فبيانها : أنّ التكليف لا بدّ أن يتعلَّق بالمقدور ، وليس المقدور إلاّ المقدّمة . وما يقال : إنّ المقدور بالواسطة مقدور ، فهو أحجيّة [4] ، معناها أنّ الواسطة مقدورة ، فلا بدّ أن يتعلَّق الوجوب النفسيّ ابتداء بأوّل مقدمة ممكنة للواجب ،
[1] الجنوح كركوع ، الميل . وجنح الشيء أي مال . ( مجد الدين ) . [2] أي غير قليل . ( مجد الدين ) . [3] وبهذا الاحتمال قال صاحب تشريح الأصول . ( مجد الدين ) . [4] الأحجية بضم الهمزة ، وسكون الحاء مهملة ، وكسر الجيم معجمة ، وفتح الياء مشدّدة ، ومعناها اللغز . ( مجد الدين ) .