مدخلية شيء في المأمور به كاشف عن عدم مدخليته فيه ، كذلك يمكن أن يقال : إنّ عدم بيان مدخلية قصد الأمر كاشف عن عدم مدخليته في الغرض ، لأن المانع العقلي إنّما يمنع من بيانه بنفس الأمر ، لا ببيان مستقلّ ، ولا فرق بين هذا وبين سائر الموارد التي يتمسك فيها بالإطلاق ، إلاّ أنّ هذا حكم بإطلاق الغرض ، وفي غيرها حكم بإطلاق متعلَّق الطلب ، والأمر فيه سهل . وهنا وجه آخر يستظهر منه توصّلية الأمر من غير احتياج إلى مقدّمات الحكمة ، كان يعتمد عليه السيد الأستاذ طاب ثراه ، وهو إنّ الهيئة عرفا تدلّ على أن متعلَّقها تمام المقصود ، إذ لولاه لكان الأمر توطئة وتمهيدا لغرض آخر ، وهو خلاف ظاهر الأمر . أقول : وفي تقريرات درس الشيخ الأعظم [1] بعد بيان عدم جواز التمسك بالإطلاق بما تقدّم ، ما محصّله التصريح بأنّ ظاهر الأمر التوصّلية وبيّنه بما لفظه : « إذ ليس المستفاد من الأمر إلاّ تعلَّق الطلب الَّذي هو مدلول الهيئة للفعل على ما هو مدلول المادة ، وبعد إيجاد المكلَّف نفس الفعل في الخارج لا مناص من سقوط الطلب ، لامتناع طلب الحاصل ، وذلك في الأدلة اللفظية ظاهر » [2] انتهى . فليتأمل في الفرق بين هذا وبين ما ذكره السيد طاب ثراه أولا ، وفي وجه الجمع بين هذا القول وبين المنع عن التمسك بالإطلاق ثانيا . وأما الأصل العملي فعلى ما قرّرناه وفسّرنا به قصد القربة ، هو البراءة ، لأن المقام حينئذ جزئي من جزئيّات مسألة دوران الأمر بين المطلق والمقيد ، ويأتي في محلَّه - إن شاء اللَّه - أنّ الأصل فيها البراءة . وأما على تفسير قصد القربة بقصد الأمر ، فالمنسوب إلى الشيخ الأعظم