والضمة ، ولا الساكن إلاّ الَّذي لم يكن بعده أحدها ، سواء كان بعده حرف من غيرها أو لم يكن حرف أصلا ، ومن شأن هذه الحروف أنّ قلَّتها في الكلام توجب صعوبة النطق ، بل عدم إمكانه كما في ابتداء الكلام ، وكثرتها توجب ركاكته وانحلاله ، ولهذا منعوا من التقاء الساكنين ، ومن توالي أربع حركات أو أكثر ، وفي بعض اللغات [1] المتعارفة لا توجد هذه الحروف إلاّ تامة ، وليس فيها ما نسمّيه فتحة وضمة وكسرة . إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ هيئات المشتقّات ليست إلاّ حروفا تامة وناقصة وزّعت على حروف المادّة ، وجعلت خلالها على ترتيب مخصوص ، وليست هيئة ( مضروب ) إلاّ ميم وواو ، جعلت الميم قبل الحرف الأول من المادّة ، والواو ما قبل آخرها ، وما هي إلاّ كلفظ ( من ) من حيث الوضع والمعنى . وقد سبق منّا في مبحث معاني الحروف أنّ الحروف ليست إلاّ علامات لتعيين موضع مدخولاتها ، فلفظ ( في ) في قولك : زيد في الدار . لا وظيفة لها إلاّ تعيين أنّ الدار في هذه الجملة موضعها الظرفية ، وكذلك الحرف المتخلَّل بين حروف المادّة لا موقع لها إلاّ بيان أنّ المادة في هذا الاستعمال وقعت موقع المفعوليّة ، وقس عليه سائر الهيئات المشتقات . وبالجملة ، فالحروف على قسمين : قسم يقع بجميع حروفه قبل الأسماء ك ( من ) و ( إلى ) ونحوهما ، وقسم يتفرق بين أجزاء المادة ، والسرّ في ذلك واضح . الثاني : أنه قد تقدّم في صدر المبحث عن ( الفصول ) تعريف لفظ المشتق وعن السيد الأستاذ تعريف المبدأ ومعناه إجمالا ، وبقي علينا البحث عن معنى المشتق وما يصلح للمبدئيّة . فنقول : لو قيل : إنّ المشتق هو المادّة الملحوظة ببعض تطوّراتها وحيثيّاتها