الأول إلاّ مقدّمة لهذا الوضع وتهيئة له ، ولا نبالي بعدم تسمية الأول وضعا ، إذ تمام المقصود هو الوضع الثاني ، كذا قال السيد الأستاذ أعلى اللَّه رتبته وقدّس تربته . أقول : وهذا أيضا قسم من الوضع يسمّى بالوضع التحصّلي ، كما ذكره - الجدّ - العلاّمة في الهداية ، ومثّل له بوضع الحروف الهجائية لتركيب الكلمات [1] . وهذا إن لم يكنه فهو قريب منه ، ولكن ينبغي أن يكون مراده - طاب ثراه - ملاحظة الموادّ إجمالا عند وضع الهيئات ، إذ ملاحظتها تفصيلا يعيد محذور الوضع الشخصي ، وكما أنّ المحذور يندفع بملاحظة الموادّ إجمالا ، كذلك يندفع بوضع الهيئات في مادة مخصوصة كمادّة ( ض ) ( ر ) ( ب ) ثم قياس بقية الموادّ عليها . هذا ، ولي في المقام كلام لعلَّه ممّا يرتضيه الأفكار العالية ، والأفهام الثاقبة ، ويتوقّف ذلك على بيان معنى الهيئة ، ونقول مقدمة لتوضيحه : إن المركوز في الأذهان أنّ حروف المباني بأنفسها ومن غير ملاحظة ما بعدها إمّا متحركة أو ساكنة ، وأنّ السكون والحركات الثلاث عوارض على نفس الحروف ، وكيفيّات لها ، وليس الأمر كذلك عند دقيق النّظر ، كما نبّه عليه الشيخ نجم الأئمة [2] في شرح الكافية [3] ، بل الحرف بنفسه ليس بمتحرك ولا ساكن ، وليس الَّذي يدّعى متحركا إلاّ الَّذي بعده أحد حروف الإعراب أعني : الألف والياء والواو ، أو مرتبة ناقصة خفيفة منها ، وهي التي تسمّى بالفتحة والكسرة
[1] هداية المسترشدين : 23 . [2] هو إمام العربية ، وركن الأدبيّة ، وفخر الإماميّة ، رضي الدين محمد بن الحسن الأسترآبادي ، المشتهر بالشارح الرضي ، صاحب شرح الكافية ، وشرح الشافية اللذين لم يعمل مثلهما ، بل ولا نظيرهما من حيث التحقيق ، وقد اعترف بذلك الموافقون والمخالفون ( والفضل ما شهدت به الأعداء ) وكلاهما مبسوطان موجودان الآن عندي ، وله أيضا شرح قصائد ابن أبي الحديد السبع المشهورات في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، وغير ذلك ، وبالجملة ، فهذا الرّجل محقّق ، مدقّق ، عالم ، فاضل ، جليل القدر ، عظيم المنزلة ، شيعيّ اثنا عشري . هذا ، وتوفي طاب ثراه سنة ( 686 ) من الهجرة المقدّسة . ( مجد الدين ) [3] شرح الكافية 1 : 23 - 24 .