وإن أراد أول من صنّف من العامة فقط فهو أيضا محلّ ترديد . قال الأستاذ الفقيد محمود الشهابي الخراسانيّ في ذيل قول السيوطي : ولكني لست على يقين من ذلك ، بل المحتمل عندي أن يكون أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم - وهو أول من لقّب ب ( قاضي القضاة ) - سابقا على الشافعي بتأليف الأصول لأن القاضي توفي سنة ( 182 ه ق ) والشافعي مات في سنة ( 204 ه ق ) وقد قال ابن خلَّكان في ترجمته : إنّ أبا يوسف أوّل من صنّف في أصول الفقه وفق مذهب أستاذه أبي حنيفة . وهكذا يحتمل جدّاً أن يكون محمد بن الحسن الشيباني - فقيه العراق الَّذي لمّا مات هو والكسائي في يوم واحد ب ( الري ) وكانا ملازمين للرشيد في سفره إلى خراسان ، قال الرشيد في حقّه : دفنت الفقه والأدب ب ( رنبويه ) - مقدّما على الشافعي في تأليف الأصول ، لأنّ الشيباني توفّي سنة ( 182 - أو - 189 ه ق ) وقد صرّح ابن النديم في الفهرست بأن الشيباني من مؤلَّفاته الكثيرة تأليفا يسمّى ب ( أصول الفقه ) وتأليفا سمّاه ( كتاب الاستحسان ) وآخر باسم ( كتاب اجتهاد الرّأي ) . على أنّ الشافعي - بتصريح من ابن النديم - لازم الشيباني سنة كاملة ، واستنسخ في المدّة لنفسه من كتب الشيباني ما استحسن ، وقد أذعن الشافعي نفسه بذلك وأعلن ، فقال من غير نكير : كتبت من كتب الشيباني حمل بعير ، وكيف كان ، فإن لم يحصل اليقين بتقدّم القاضي والشيباني على الشافعي في التأليف فلا أقلّ من أن لا يحصل لنا يقين بتقدّمه عليهما ، فالحكم الباتّ بكون الشافعي أوّل من صنّف في أصول الفقه كما ترى [1] . انتهى .